الجزائر، في 22 مارس/ العمانية/ خصّصت مجلة المخطوطات الإسلامية عددها الثاني  عشر، للمخطوطات الإباضية والمخطوطات في شمال إفريقيا.   وتضمّن العدد الأوراق البحثية المقدمة في ورشة عمل "المخطوطات الإباضية وثقافات  المخطوطات" التي نُظّمت في جامعة الأخوين بالمغرب، في أبريل 2019، بالتعاون مع  وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بالسلطنة، ومركز البحوث والدراسات حول الإباضية  بباريس (إباديكا)، ومدرسة العلوم الإنسانية والاجتماعية الجامعة، بحضور مشاركين من  عُمان والجزائر وفرنسا وإيطاليا وتونس والولايات المتحدة. وتركّز الأوراق على الثقافات المرتبطة بالمغرب، بشكل جماعي، والتي تتعلق بالمحتوى،  وطريقة دراسة الثقافات والمخطوطات البدائية والمخطوطات في المنطقة. وفي الوقت  الذي يتناول فيه عدد من الباحثين صعوبة الوصول إلى المكتبات الخاصة، يُشير باحثون  آخرون إلى تلك المساهمات الموجودة، في أمثلة أخرى، وتمثّلها المجتمعات في شمال  إفريقيا وعُمان، والتي تعمل بجد من أجل المحافظة على المخطوطات، بما تمثّله من  تاريخ ونصوص نادرة.  وأشارت إحدى الدراسات المنشورة في هذا العدد إلى واحة ميزاب بالجزائر، ودور  الشخصيات العلمية والدينية التي قامت بإنشاء مؤسّسات تُشرف على العديد من الأنشطة،  أهمُّها الفهرسة، والمحافظة على مجموعات المخطوطات الموجودة بالمكتبات الخاصة  بالمنطقة. وقد كرّست مؤسّسة عمي سعيد، التي تأسّست سنة 1973، وجمعية التراث  (1983)، وجمعية أبو إسحاق أطفيش (1995)، جهودها لتعليم التراث الأدبي الإباضي،  وتدريب الخبراء وعلماء المخطوطات الذين يحافظون على التراث المكتوب للإباضية من  أجل تعزيز البحث الأكاديمي من خلال ضمان وصول الباحثين إلى المخطوطات عبر  قاعدة بيانات رقمية كبيرة. وأشارت دراسةٌ أخرى إلى الجهود المبذولة في جربة بتونس، والتي تمثّلها العديد من  المكتبات الخاصة التي تُديرها العائلات، وأهمّها مكتبة البارونية (المكتبة البارونية). وللمساهمة في هذا الموضوع التخصُّصي، تبرز في هذا العدد موضوعات وإشكاليات  مهمّة في الدراسة المعاصرة للمخطوطات الإباضية، وثقافات المخطوطات الإباضية في  الجزائر. إذ تقدّم ورقة عيسى الحاج محمد عن النسخ الإباضية لوادي ميزاب بالجزائر،  نافذة على عالم ثقافة المخطوطات الميزابي في القرنين الخامس عشر والسادس عشر  للميلاد، مع مجموعة غنيّة من (كتالوجات) المكتبات الخاصة التي أنتجتها جمعيات  ميزابية على مدى العقدين الماضيين. وتشير ورقة علي بوجديدي عن مكتبة مسجد الباسي في جربة بتونس، إلى عدة  موضوعات مهمّة تتعلق بدراسة المخطوطات الإباضية في الوقت الحاضر. وتستند الورقة  إلى مزيج من نوعين من المصادر؛ مخطوطات من مكتبة المسجد التي تمّ ترقيمها  مؤخّراً، ومخطوطات من أرشيف المؤسّسة، حيث تستحقُّ مكتبة مسجد الباسي، أيضاً،  الاهتمام نظرًا لاحتوائها على عدد كبير من الألقاب الإباضية، وغير الإباضية، وكلاهما  تمّت دراسته من قبل الإباضية في الجزيرة، وغير الإباضيين من السكان. أخيرًا، يمثل إغلاق المدرسة التي كانت تضمُّ النصوص في منتصف القرن العشرين، وما  تلاه من نقل أرشيفها ومكتبتها إلى عائلة الباسي، موضوعاً مشتركاً آخر في تاريخ مكتبات  الإباضية في جربة.    وتشير مقدّمة هذا العدد من المجلة إلى ما يُمكن أن تُسهم به دراسة مخطوطات الباسي  الإباضيّة، رغم ما شابها من ضياع، في إعادة تأريخ المكتبة، كما يُمكنها أن تُلقي ضوءًا  على تاريخ العائلة. فضلًا عن أهميّة دراسة المجموعات الإباضيّة في الكشف عن حركة  صُوَر تلقّي العلوم والمعارف وتبادلها داخل الفضاء الجزيريّ، وتأثُّرها بالفضاءات  المتاخمة لها، وعن علاقات الجوار والتّثاقف بين إباضيي جربة مع غيرهم، مغرباً  ومشرقاً، وتشي بعمق تواصلهم المغاربيّ والمتوسطيّ. ويصيرُ المخطوط تبعاً لذلك،  خزّانا للأفكار والرُّؤى والتصوُّرات، لا يقلّ أهميّة، عن التُّحف المتحفيّة، والمباني  المعماريّة، ومختلف مكوّنات التّراث الماديّ، وغير الماديّ، الأخرى. وقد أسهم مشروع رقمنة مكتبة الباسيّين بجربة في التفطّن إلى مجموعة من المخطوطات  الإباضيّة، على جانب كبير من الطّرافة والقيمة العلميّة، تُبرزُ التّفاعل الحيّ بين إباضيّة  جربة، وغيرها من مناطق العلم والمعرفة. يُشار إلى أنّ مجلة المخطوطات الإسلامية تولي أهميّة كبيرة للكتاب المنسوخ بخط اليد في  العالم الإسلامي، كما تتناول الأنشطة المتعلقة برعاية مجموعات المخطوطات الإسلامية  وإدارتها، بما في ذلك الفهرسة، والحفظ، والرقمنة. وتطمح المجلة، بحسب القائمين عليها،  إلى تزويد الطلبة، والعلماء، وأمناء المكتبات، وهواة جمع المخطوطات الإسلامية، بالمادة  العلميّة، وأن تكون مجلة مهنية، ومنصّة وظيفيّة خاصّة بهم.   /العمانية /178