المتحف الوطني يعرض مخطوط ابن ماجد في معرفة علم البحر والقواعد            .. النشرة الثقافية.. مسقط في 29 مارس / العمانية / يحتضن الركن المخصص للملاح العماني أحمد بن  ماجد السعدي في قاعة التاريخ البحري بالمتحف الوطني حاليا عرض الأصل من مخطوط  "كتاب الفوائد في معرفة علم البحر والقواعد" للملاح والربان العُماني الشهير شهاب الدين  أحمد بن ماجد السعدي بخط يده والمعار من مكتبة الأسد الوطنية بالجمهورية العربية  السورية. وقد تمت استعارة أصل هذا المخطوط لمدة عامين في سياق التعاون الاستراتيجي  والحثيث بين المتحف الوطني والمديرية العامة للآثار والمتاحف بالجمهورية العربية  السورية بغرض حفظها وصونها، وهي أول مرة يخرج فيها هذا المخطوط من مكتبة  الأسد الوطنية. كما تم التنسيق مع هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية لإعادة هذه الوثيقة لحالتها الأصلية،  حيث تم تنفيذ برنامج متكامل لها للحفظ والصون والفهرسة والتنقيح، وتم في نهايته  عرضها في مارس الماضي أمام زوار المتحف ليستمر عاما واحدا. وهناك حوالي أربع نسخ فريدة من هذه المخطوطة لأحمد بن ماجد السعدي على مستوى  العالم تشمل مخطوطة محفوظة في معهد المخطوطات الشرقية في سان بطرس بورج في  روسيا، ومخطوطتان محفوظتان في المكتبة الوطنية في باريس، ومخطوطة أخرى التي  يتم عرضها حاليا في المتحف الوطني والمحفوظة في مكتبة الأسد الوطنية في دمشق،  والتي تم تأليفها من قبل أحمد بن ماجد في القرن الحادي عشر الهجري / القرن السادس  عشر الميلادي، في فترة حكم أسرة النباهنة، ويبلغ عدد أوراقها 175 ورقة، وعدد  الصفحات 363 صفحة، وعدد الأسطر في كل صفحة 23 سطرا، وجاءت ألوان المداد  المستخدم في الأسود في كتابة النصوص، والأحمر في كتابة العناوين، ويحيط بالمتن  اطاران باللون الأحمر، وفيما يتعلق بنوع الخط العربي المستخدم في كتابتها فهو خط  النسخ. ويعد شهاب الدين أحمد بن ماجد السعدي ( 825-906هـ /1421 -1500م ) الذي وُلد  في جلفار وتلقى تعليمه الأول على يد والده الربان البحري المرموق ماجد بن محمد  السعدي، من أشهر الملاحين في المحيط الهندي، ومن علماء فن الملاحة وتاريخه عند  العرب، إذ اخترع الإبرة المغناطيسية         (البوصلة) المستعملة في تحديد اتجاهات  الرحلات البحرية، وترك آثارا علمية عديدة في علوم البحار جاوزت (40) كتابا  ومنظومة، أهمها: الأرجوزة التائية، والأرجوزة السفالية، والأرجوزة المعلقية، وأرجوزة  تصنيف قبلة الإسلام في جميع الدنيا، وأرجوزة "حاوية الاختصار في أصول علم  البحار"، والنونية الكبرى.  ومن أشهر مؤلفاته كذلك كتاب "الفوائد في أصول علم البحر والقواعد"، فقد صنفه سنة  (880- 895 هـ/1475- 1490م) في أواخر عمره، ومن ألقابه شهاب الدين وأسد  البحار. وقد عمل قسم الترميم بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية على ترميم المخطوطة من  خلال تشكيل فريق عمل لمعالجتها وترميمها نظرا للأضرار البالغة الحاصلة عليها،  وحول ذلك قال محمد بن حميد السليمي رئيس قسم الترميم بهيئة الوثائق والمحفوظات  الوطنية في تصريح لوكالة الأنباء العمانية إن "قسم الترميم بالهيئة عمل على ترميم  مخطوطة أحمد بن ماجد، ومرت العملية بعدة مراحل ابتداء من تصميم حافظة خاصة وفقا  لمعايير عالية الجودة لحفظ المخطوطة أثناء نقلها من مكتبة الأسد بالجمهورية العربية  السورية إلى معامل الترميم بالهيئة، وأخضعت المخطوطة لعملية فحص شاملة قبل عملية  النقل، وأثناء وصولها المعامل، أجريت لها فحوصات دقيقة شملت كل أجزائها، حيث  عمل الفنيون على فحص أجزاء الغلاف، وجميع أوراق المخطوطة، وخطوط الطول  والعرض والحبر المستخدم وبعد عملية الفحص تمت معالجة المخطوطة باستخدام بعض  المحاليل من أجل استعادة بعض خواص الورق المتأثرة". وأضاف السليمي أن "أوراق المخطوطة كانت متهالكة، وبعض الأحبار متأثرة، إضافة  إلى أن خياطة المخطوط لم تكن متماسكة، مع العلم بأن غلاف المخطوطة تمت إضافته  في وقت لاحق من عمر المخطوطة، وعملت المحاليل التي استخدمت في عملية الترميم  على تطرية الأوراق وإكسابها القدرة على الطي والثني والشد، وزيادة صفاء الورق  ولمعان الحبر، وإزالة الشوائب وجميع طبقات اللاصق المضافة على سطح أوراق  المخطوطة وذلك في مراحل زمنية مختلفة، والتي قد تسبب تآكلا في الأوراق، وتكون  مجلبة لبعض أنواع البكتيريا أو الفطريات.. كما تم التخلص من جميع أنواع اللطخات  والبقع عبر تقنية الشفط العالي وإضافة المحاليل الخاصة، وهذا يسهم بدوره في استعادة  الخصائص الفيزيائية للمخطوطة، وجعلها في حالة قابلة للتداول والاستخدام من قبل  الباحثين والمختصين".  ووضح أن "عمليات المعالجة تلك استغرقت وقتا طويلا، وبعدها تمت عملية استكمال  الأجزاء الناقصة من الأوراق عبر تصنيع ألياف خاصة متناسقة اللون والسماكة مع أصل  المخطوط، وتمت تسوية جميع الأوراق بمقاس واحد يتطابق مع الأصل عبر حسابات  معينة، ثم تطرية الأوراق مجددا وضغطها تحت مكابس كهربائية وحرارية خاصة، حتى  تتساوى حركة ألياف الأوراق وتتوزع بشكل متناسق طولا وعرضا، لضمان الحفاظ على  الخواص الفيزيائية لفترات زمنية طويلة، ثم وزعت الأوراق في ملازم متناسقة وتمت  عملية الخياطة العربية للمخطوطة، وتقوية الكعب بورق خاص لهذه المرحلة، كما  اختيرت ألوان أوراق الغلاف لتناسب المخطوطة ومنشأها، ثم العمل على إعداد غلاف  خاص وفقا للمخطوطات العمانية وزخرفته بالزخرفة العمانية الأصيلة، ليأخذ شكله  وطابعه العماني الأصيل مع الحافظة الخاصة به". من جانبه قال سيف بن مسلم المحروقي المكلف بأعمال فهرسة وتوصيف المخطوطات  بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في تصريح لوكالة الأنباء العمانية إن مخطوط "كتاب  الفوائد في معرفة علم البحر والقواعد" يتضمن أكثر من عنوان لمؤلفات ابن ماجد، حيث  جاءت عناوينها وموضوعاتها لتشمل في المجموع الأول "الفوائد في علم البحر والقواعد"  وقد تم الانتهاء من نسخها بتاريخ  (17 رَبِيعٍ الثاني 984ھ/13 يوليو 1576م)، ويقدر  عمر هذا المجموع بـ 444 سنة تقريبا، وحوى على 18 فائدة أهمها ذكر من ركب البحر،  وأول من رتب أسبابه، وأول من صنع السفينة، وأسباب ركوب البحر، ومعرفة المنازل  والاخنان والقسمة والدير والمسافات والباشيات والقياسات، والإشارات والسياسات وترتيب  المركب والعسكر ومنازل القمر والجزر والسواحل وموسم الاسفار وبحر القلزم وطريق  الحجاج وبعض النوادر والحكم. وأضاف المحروقي أن المجموع الثاني تضمن "حاوية الاختصار في أصول علم البحار"  وهي باكورة منظوماته الطويلة في قواعد علم الملاحة، مكونة من 11 فصلا عارض بها  من حيث عدد أبياتها أرجوزة والده المسماة بـ "الحجازية" وعدد أبياتها كما قال (1082)  بيتًا مطلعها: 
 الحمد لله الخالق ذي الجلال            القاهر الفرد بلا مثال  وبين أن المجموع الثالث من الأراجيز تضمن 14 أرجوزة، مكونة من 8 فصول تتعلق  بعلم الملاحة البحرية، ومن الأراجيز أرجوزة المعرِّبة وهي من مائة وثمانية وسبعين بيتًا،  صحح فيها قياسات الخليج البربري (خليج عدن)، ومجاريه أي مسالكه من مرسى ( حافون) إلى (باب المندب)، ومن مراسي الساحل البربري (الصومالي) إلى مراسي  الساحل العربي المقابل له، ووصف علاماته البحرية والبرية، وفي مطلعها:  يا سائلي عن صفة المجاري    ثم قياس الأنجم الدراري   وأرجوزة "قبلة الإسلام في جميع الدنيا" منظومة من (295) بيتًا في وصف جهات  القبلة، حسب الأخنان، أي أجزاء دائرة بيت الإبرة "البوصلة" ، في جميع أقطار العالم  القديم، فرغ من نظمها في شهر محرم سنة 892هـ ، مطلعها:  باسم الإله المستعان أبتدي            مصليًا على النبي أحمدِ  وأرجوزة "كنز المعالمه وذخيرتهم في علم المجهولات في البحر والنجوم"، منظومة في  وصف قياسات النجوم المستعملة لدى البحارة وأقدارها، وتبلغ عدد أبياتها (71) بيتًا،  مطلعها: يا أيها الناس ماذا شئتموا قولوا       الأرض معلومة والبحر مجهول 
وأرجوزة "ميمية الأبدال" وهي قصيدة في قياسات نجوم الأبدال، وهي تقيس نجمين  أحدهما في ناحية المشرق والآخر في المغيب، وعدد أبياتها (64) بيتًا، مطلعها:  سهادًا حكت عيني عصارة عندم    وكل نجوم الليل تسأل عن دمي  وأرجوزة "ضربية الضرائب" وهي منظومة في تدريج بعض قياسات النجوم على قياس  نجم القطب الشمالي المعروف عند البحارة بـ "الجاه" ، وقياسه قياس العرض الخالص،  ويذكر في قصيده بعض ترفات الأخنان القريبة من خن القطب الشمالي  "الجاه" في بيت  الإبرة، وعدد أبياتها (192) بيتًا، مطلعها:  شباب برأسي أعجب الناس من أمري      أتاني عقيب الشيب في آخر العمر  وأرجوزة "المكية" لتغزله فيها بأهل مكة، في وصف السفر من جدّة إلى مراسي ساحل  الهند الغربي، وعُمان، وهرمز، وعدد أبياتها (171) بيتًا، مطلعها:  فؤادي أسير الحي من شِعب عامر            أحوم عليها بالدجى والهواجر  وأرجوزة "نادرة الأبدال في الواقع وذبان العيوق"، وهي  في شرح أبدال نجمي "النسر  الواقع" مع   "ذبان العيوق" وعدد أبياتها (57) بيتًا، مطلعها: تركت اشتغالي بالمها والجاذر          وصرت مغرى بالنجوم الزواهر  والأرجوزة "البائية" المسماة "الذهبية"، شرح فيها الإرقاق والإغزار، أي الاقتراب من  الساحل والابتعاد عنه إلى عرض البحر، والعلامات البحرية لبر الهند والصومال،  وقياساته، وتبلغ عدد أباتها (193) بيتًا، مطلعها:   بدأت باسم الله ربي وخالقي     ومستخلفي في جيرتي وأقاربي  وهناك أيضا أرجوزة "الفائقة"، في شرح قياس "الضفدع" مع تقييد قياس "سهيل"   مطلعها:   أقول والفلك تجري بالشراعين          في ليلة لم تر فيها الكرى عيني  وأرجوزة "القصيدة البليغة"، في قياس نجم سهيل والسماك الرامح، وتقع في (65) بيتًا،  مطلعها:  سهرت وغيري خالي البال هاجع          غرامًا ومثلي كيف يهنا المضاجع  وقال سيف بن مسلم المحروقي المكلف بأعمال فهرسة وتوصيف المخطوطات بهيئة  الوثائق والمحفوظات الوطنية حول القيمة العلمية للمخطوطة إن "مخطوطة الفوائد في  أصول علم البحر والقواعد تعد من أواخر ما كتب الملاح والربان العُماني شهاب الدين  أحمد بن ماجد السعدي، ما يعني أنّ ما ورد فيه هو العصارة التي تعبّر عن صفوة فكره،  وهو الصّفحة التي تكشف عن شخصيّته، فما جاء في المخطوط هو تتويج لما حبّره قبله  في تآليفه، كما يعدّ الخلاصة التي تعطي فكرة نهائيّة وصورة حقيقية عن كتاباته، لذا فما  قدّمه فيه مثلا عن شرق أفريقيا هو المعوّل عليه في الدّرجة الأولى في تقويم نظرته  للمنطقة، وإيراده معلومات عن شرق أفريقيا مرّة أخرى- بعد ما قدّمه في التّصانيف  الأخرى- دليل على الأهميّة التي أعطاها لهذه المنطقة في العلاقات الوثيقة بينها وبين  عُمان وطنه، وإيراد شذرات عن شرق أفريقيا في هذا المؤلّف الرّئيس في مؤلّفات ابن  ماجد، يبعث الباحث لكي يتأمّل فيها بتأنٍّ، وهو ما يرتدّ به إلى النّظر في بقيّة مؤلّفاته،  ليتوسع في معرفة حقائق عن المنطقة. وأضاف أن "الأهمية التاريخية للمخطوط تأتي في محورين الأول: نسخ المخطوطة "  الفوائد في علم البحر والقواعد"، حيث إن النسخة التي بين أيدينا هي النسخة الأقدم في  العالم لمؤلفات أحمد بن ماجد السعدي وتعود للقرن السادس عشر الميلادي محفوظة في ( مكتبة الأسد الوطنية) دمشق ونسخت في فترات زمنية مختلفة وهي:  تاريخ النسخ: يوم  الاحد 17 ربيع الثاني سنة 984هـ ( 13 يوليو 1576م) (المجموع الأول) ، وتاريخ  النسخ: السادس ذي الحجة 980هـ ( 18 أبريل 1573م ) (المجموع الثالث) ، وتاريخ  النسخ (آخر المخطوطة): يوم الثلاثاء 10 ربيع الأول 1001هـ  (11 فبراير 1593م) ،  أما المحور الثاني فيتعلق بشخصية المؤلف شهاب الدين أحمد بن ماجد السعدي عالم  الملاحة العربي العماني وصاحب أشهر مؤلفات علم البحار، كان محل اهتمام المستشرقين  من أمثال المستشرق الفرنسي غبريال فران 1925م والمستشرق الإنجليزي جيرالد تبتس  1970، وغيرهم من له معرفة في كل ما يتعلق بصناعة السفن والبوصلة وصفات الربان  ومعرفة البلدان وتاريخها ومواعيد السفر إليها، لذا نحن أمام شخصية تعدت القطر العُماني  إلى العالمية. وأكد سيف المحروقي أن "المُطلع على مؤلفات شهاب الدين يجد كثرة ذكره لمدن عُمانية  بعينها في تحديد خطوط الملاحة البحرية وقياس المسافات بين بحر العرب وبحر الهند  والأمثلة كثيرة لا يتسع المقال لذكرها، ومن بعض الأمثلة ذكره لـ/ مسقط، وقلهات،  وطيوي، ورأس الحد، وصور، ومصيرة، ورأس المدركة، وغبة حشيش (بر الحكمان)،  وصوقرة، وكوريا موريا (جزر الحلانيات)، وظفار/ وغيرها وهذا دليل قاطع لمنطق  رحلاته وأسفاره وعمق انتمائه لوطنه عُمان، حيث جاء في حاوية الاختصار:  ومن هناك إن شيت رأس الحدِ       مجراك في الجوز فلا تعدي وفي موضع آخر يقول:  ومن مصيرة خوريا مجربا  مجري صحيحا للأنام العقربا 
وقال أيضا:  وبين مسقط والسند       كذلك قد أحقا حساب رشدي وقال:  وبين رأس سوقرة "صوقرة" وبوريا      فهي ثمان ولا تماريا  /العمانية/  ط م / ع م