الأخبار

الحكواتية الفلسطينية دنيس أسعد: الحكاية العمانية غنية بحكايات البحر وبحاجة إلى التجميع كونها ثقافة غير مادية (النشرة الثقافية)

مسقط في 22 نوفمبر /العمانية/ أكدت الحكواتية الفلسطينية دنيس أسعد التي تزور سلطنة عمان حاليا للمشاركة في ملتقى الحكواتي العماني الأول الذي ينظمه النادي الثقافي، إن الحكاية العمانية لها نكهتها الخاصة كالحكايات التي لها علاقة بالبحر والتنوع في الجانب الجغرافي، منوهة إلى أهمية جمع قدر أكبر من الحكايات العمانية كثقافة غير مادية وجزء من التاريخ الشفهي.

وعلاقة دنيس بالحكاية ليست وليدة اليوم، وإنما ظهرت منذ فترة طويلة وخلال ظروف خاصة تربطها بأحد أبنائها الذي أدخلها إلى تلك العوالم، واكتشفت بعد حين أن مجال الحكاية أكثر عمقا وتوغلا في الشأن الثقافي والإنساني، فأسلوبها الحكائي مرتبط بالفرح والتشويق والمرح، فهي تبعث بزيها التراثي الفلسطيني ذلك التنوع والفكرة والحركات المصاحبة، بالإضافة إلى إضفاء روح الدهشة مما يمكنها من ترسيخ رسالتها المتعددة بشأن ماهية الحكاية وحقيقتها.

ولأن الإنسان مرتبط بتجليات زمانه ومكانه تشير دينس أسعد إلى الحكاية وحاجتنا إليها وكيف استطاعت الحفاظ على خصوصيتها في خضم التدفق المعلوماتي وانتشار وسائل التواصل الرقمية البصرية والانفتاح على العالم وتقول: نحن بحاجة للحكاية من أجل أن نتواصل بصريا في حين كانت الحكاية ومازالت أجمل وسائل التواصل بين البشر، لذلك نحتاجها لإعادة التواصل البصري خصوصا في زمن كثرت تداخلات مشكلاته، وإشكالاته، ناهيك عما أحدثه فيروس "كورونا" مما يدعونا إلى الأخذ بالحكاية وآليات تواصلها مع الآخر.

وتؤكد دينس أن تدفق المعلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي لا يقلل من شأن الحاجة للحكاية التي تعتبر قادرة على الحفاظ على مكانتها وأهميتها، باعتبار أنها تضمن التواصل الحقيقي وتساعد على إعادة مركزية التواصل البصري على عكس ما يجري عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي يعتبر التواصل عبرها تواصلا افتراضيًّا.

ووضحت دنيس: نحن جميعا كبشر لا يمكننا الاستغناء عن التواصل الحقيقي بيننا حيث يتم ذلك عبر الحكاية التي توفر التواصل البصري إذ ليس بمقدور أجهزة الفيديو أو الهواتف أو وسائل التواصل الاجتماعي توفيره، بل يمكننا استغلال وسائل التواصل للترويج عبرها للحكاية لكي تعود وتأخذ موقعها في المجتمع الإنساني.

وفي إطار حديثها عن الحكاية في سلطنة عُمان، وما يميزها وما تحتاجه لأن تفعّل بصورة أكبر تقول دينس أسعد: لقد اطلعت على الحكاية في سلطنة عُمان، وتفعيلها يكمن في الحاجة الحقيقية إلى حكواتية متخصصين يحكونها، يجب أن نشير إلى أنها حاضرة وبقوة ولكنها إلى ذلك التخصص الاحترافي العلمي، كما تحتاج الحكاية في سلطنة عُمان إلى تجميعها بقدر أكبر، نظرا للتنوع الجغرافي والإرث الثقافي الإنساني الذي تتميز به، ولا شك أن الفعاليات الثقافية التي ستعزز من شأن وجودها ستساعد الشباب على جمع الحكايات، خصوصا وأن بها الكثير من حكايات البحر بالإضافة إلى تنوع العادات والتقاليد، وإذا تحدثنا عن الثقافة غير المادية والتاريخ الشفهي فهما يؤثران في الحكاية باعتبارها جزءًا من الثقافة وهذا حتما ما يجعل للحكاية العُمانية نكهتها الخاصة بها.

وعن أبرز أركان الحكاية التي يجب أن يتملكها من يتطلع إلى أن يصبح /حكواتيا/ تشير دنيس: على الحكواتي أن يبحث عن حكاية ملفتة للانتباه، ولابد من وجود أحداث في الحكاية، كما أن ما يميز الحكواتي هو لغته والقدرة على الحركة وعلى استخدام لغة الجسد، بالإضافة إلى نبرة الصوت التي لها أهميتها في التأثير على مستمعي الحكايات، مع الترابط المتقن لمحور أحداث الحكاية.

وتقول عن الكيفية التي استطاعت الحكاية أن تصبح أكثر قربًا من واقع الأسرة العربية ونسيجها الاجتماعي في الوقت الراهن، والحفاظ على جماليتها التي عرفت بها منذ أمد بعيد: "في هذا الجانب يمكنني العودة إلى طفولتي لأؤكد أن الحكاية هي أكثر قربا من واقع الأسرة العربية، بالنسبة لي كان والدي هو الذي يحكي لنا الحكاية ونحن متجمعين حول /الكانون/، موقد النار الذي نستخدمه للتدفئة ونحن في المهجر خارج الوطن، فقد كان والدي مدير مدرسة وموهوبًا في الحكي، ولم يكن لدينا تلفزيون أو أي وسيلة ترفيه في ذلك الوقت ، حيث كان يحكي لنا عن ذكرياته عن قرية (قيسارية) الفلسطينية التي خرج منها مع أهله وبني عمومته، فظلت حكاياته راسخة في نفسي وذلك من خلال ما كان يحيكه عن بلدة قيسارية الفلسطينية، لذلك ظلت الحكاية أكثر قربا من واقعي العائلي".

وأضافت: "نحن بحاجة اليوم لإعادة الحكاية فهي قادرة على إعادة الحميمية في زمن الهاتف والآيباد وغيره وكذلك قادرة على التعريف بالثقافات الأخرى عبر الحكاية والحكواتي.

وعن الخيال وإمكانية أن تكون الحكاية أكثر صدقا من خلاله وتوصيل الفكرة عبر أسسه تقول دنيس: دعنا نقترب من الطفل على وجه الخصوص، فهو لديه خيال واسع، وعلى سبيل المثال أنا عندما أحكي لطفلي، أستخدم الخيال في سرد الحكاية باستخدام عبارات خيالية حسب الحكاية وموضوعها مثل عبارة (البحر يمد لنا لسانه) و(الموج طلع فوق السماء) وغيرها من العبارات والمسميات الخيالية غير الواقعية، فمن خلال الحكاية يمكن للحكواتي أن يضفي شرعية على خياله، وفي تقديري بدون الخيال يصعب أن نكون مبدعين، فالخيال في الحكاية الشعبية أساس حيث يوجد الغول أو غيره فليس هناك تناقض بين الواقع والخيال في الحكاية إذ يمكن أن يسهم الخيال في غرس الكثير من القيم كما بمقدور النص الخيالي حمل وغرس الكثير من المعلومات.

وعن أهم الصفات التي تجب أن تكون حاضرة في الحكواتي وما يمكن أن يقدمه للمتلقي تعلق دينس: الحكواتي بالضرورة يجب أن يكون شغوفًا بسرد الحكاية، وصادقًا ليحكي حكايته من القلب للقلب، مع أهمية محاربة بعض المفاهيم السلبية في بعض من مكونات التراث العربي وأن يكون لديه كاريزما خاصة به، وأن تكون له بصيرة نافذة، حتى يتمكن من أخذ الحكاية إلى الأمام، لضمان استمراريتها، لذلك لابد أن يكون الحكواتي مثابرًا وناقدًا وقادرًا على تهذيب بعض المفردات والمفاهيم في التراث والثقافة العربية.

وفي نهاية هذا الحديث تتحدث دنيس عن الحكاية وعلاقتها بالجمهور عموما، وهنا تقربنا من دور المؤسسات العربية الثقافية، وإيجادها هي الأخرى لحوارات متصلة بين الحكواتي وجمهوره وعلى سبيل المثال لا الحصر، /مهرجان الفداوي/ في سوسة في تونس مختص بالحكايات ويقام منذ أكثر من 30 عامًا ومهرجان /الخرافة/ في تونس العاصمة، حيث يوجد دعم مؤسساتي من خلال الكثير من المكتبات العامة التي تدعم الحكاية، كما يوجد في تونس اليوم أكثر من ثلاثين مهرجانًا حكواتيًّا محليًّا وعالميًّا عبر المكتبات وبدعم من وزارة الثقافة التونسية أما في المملكة المغربية فهناك عدة مهرجانات منها مهرجان عن الحكاية في مدينة الرباط.

وفي غير المغرب العربي، أقيم أول تدريب للحكواتية في عام 2008 في فلسطين وهناك مجموعة من الشباب يمتهنون فن الحكي، وقبل ذلك وتحديدا في عام 1998 تم إعداد الخطة الوطنية لأدب الأطفال في فلسطين بالاستعانة بحكواتية من بريطانيا، إضافة إلى مسرح الحارة ومهرجان حكاية المكان وغيره. وفي الأردن أيضًا هناك مهرجان الحكاية، وفي لبنان يوجد تدريب للحكواتيين.

وأضافت: على وجه العموم فإن الثقافة العربية الإسلامية هي الثقافة التي تحكي وتجيد الحكي بالفطرة ولكن نحتاج إلى إقامة أكاديميات متخصصة في الحكاية وتتعامل معها وتعمل على تعزيز مهارات الحكي للأطفال مما يساعد على تركيز أفكار الأطفال.

/العمانية/

خ م ي س

أخبار ذات صلة ..