الكاتب أحمد التميمي يناقش "المغالطة المنطقية بين التحقُّقِ والتوهُّم" (النشرة الثقافية)
مسقط في 29 نوفمبر /العمانية/ صدر عن دار ابن النديم بالجزائر - دار الروافد الثقافية بلبنان كتاب /المغالطة المنطقية بين التحقُّقِ والتوهُّم/ "مداخلُ مفهوميَّةٌ وسياقاتٌ استدلاليَّةٌ تحت الضوء" للمؤلِّف أحمد بن علي التَّميمي.
يناقش الكتاب موضوع المغالطات المنطقيَّة، من زاويةٍ مختلفة نوعًا ما عمَّا هو مزبورٌ ومسطورٌ في كُتُب المغالطات المنطقيَّة المألوفة، فهذا الكتاب يتصدَّى لمهمَّة تعميق بعض الخطوط الباهتة، وتسليط الضَّوء على بعض المناطق التي لم تأخذ حقَّها من الإضاءة، وتكثيف ما هو خفيفٌ ورهيف هنالك.
كما أن الأفكار الرَّئيسة الآخذة بحجَز هذا الكتاب تتمحور حول أمرين، الأمر الأوَّل: الكشف عن وجوه بعض المغالطات المنطقية المغفول عنها، أو المهمَّشة، أو المهملة الذكر في سياق المغالطات المنطقيَّة، وإن وردت الإشارة إلى بعضها في السياقات الأخرى، كالسياقات اللُّغويَّة، أو الأصوليَّة، أو الفلسفيَّة، لا باعتبارها مغالطةً منطقيَّة، ولا باعتبارها تحمل اسمًا أو هويَّة تُثبت انتسابها إلى قافلة المغالطات المنطقيَّة، فهي متوخَّاةٌ أو ملقاةٌ هنالك على قارعة الطَّريق؛ لغرضٍ آخر، ولمناسبةٍ مختلفة جدًّا.
وهنا في هذا الكشف المشار إليه آنفًا قد يعنُّ لنا في بعض المواضع أن نسكَّ مصطلحاتٍ جديدة لهذه المغالطات الشَّاردة والمهملة؛ امتثالًا لنصيحة الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور الذي قال ذات يوم: «كم سيكون أمرًا رائعًا؛ إن أمكننا أن نُقيّض لكل خدعةٍ جدليَّة اسمًا مختصرًا ومناسبًا، يمكننا من خلاله أن نوبّخ في اللَّحظة نفسها كلَّ من ركب متن إحدى هذه الخدع».
الأمر الآخر: تصعيد النَّظر وتقليبه في بعض المغالطات المنطقيَّة الشَّائعة من حيثيَّة الاستثناءات أو السياقات أو الموارد التي تُخرجها عن حدّ المغالطة ورسمها، فالغالب في تناول موضوع المغالطات المنطقيَّة هو محاولة ترسيم حدودها وتسوير مناطقها التَّابعة لها، وتقلُّ حدَّة النَّظر وإجالته في الحدود والمناطق التي تتبعها شكلًا وصورةً وتفارقها ضِمنًا وحُكمًا، فعلى سبيل المثال: نجد أنَّ صورة مغالطة الشَّخصنة تنطبق - في حال حضورها في عمليَّة الاستدلال - على السياقات والموارد التي يتعلَّق أصلُ موضوعها بالأشخاص والذَّوات، ولكن مضمون المغالطة أو حكمها المصداقي لا ينطبق على هذه السياقات والموارد، ومن ثمَّ فهي مستثناةٌ منطقيًّا من إلحاق غميصة المغالطة بها، فالشَّخصنة هنا في الحقيقة لا تُعدُّ مغالطةً منطقيَّة تخطم أنفَ الاستدلال أو تقصم ظهره أو تحلُّ عُرى قوَّته؛ ذلك لأنَّ موضوع الاستدلال في مثل هذه السياقات والموارد قائمٌ على الشَّخصنة من الأساس.
وبتعبيرٍ آخر: لم تكن الشَّخصنة هنا أمرًا منفصلًا لا يمتُّ إلى الموضوع بسبب ولا يَعلَق منه بطرَف، بل هما فرعا دوحةٍ واحدة وغُصنا جِذْمٍ مشترك؛ بحيث يضرب التَّلازمُ أو التَّرتُّبُ المنطقيُّ بأطنابه بينهما بلا فِكاك.
وحول محاور الكتاب يقول المؤلف أحمد بن علي التَّميمي إن محاوره تتعدد مع موضوعاته، ومن بينها المدخل الذي ويتناول موضوعات المغالطة المنطقيَّة، ومغالطة الصُّورة، ومغالطة اللَّاصورة، والمغالطة والمفارقة.
أما القسم الأوَّل من الكتاب فجاء بعنوان (تحقُّق المغالطة). ويتناول موضوعات: المغالطة والنَّتيجة، والمغالطة والطَّويَّة، والمغالطة والاعتبارات، والمغالطة والدَّليل المزدوِج، والمغالطة ومحمول القضيَّة، والمغالطة والقيد، والمغالطة وعدد الأدلَّة، والمغالطة والفهم، والمغالطة والإنشاء، والمغالطة والتوصيف، والمغالطة والتَّخصُّص، والمغالطة والغرابة.
ويتناول القسم الثَّاني الذي جاء بعنوان (توهُّم المغالطة) موضوعات: مغالطة توهُّم المغالطة، وليست مغالطة، والشَّخصنة، والتَّركيب، والاحتكام إلى الصَّخرة، والأصل أو المنشأ، والمصادرة على المطلوب، وتأثير الدُّومينو، والاحتكام إلى سُلطة، ونداء الصدق، والتماس المشاعر، واعتقاد الأكثريَّة، والاحتكام إلى التَّرهيب، والاحتكام إلى الزَّمن، والسُّؤال المشحون، وعبء الإثبات، والوسط الرَّمادي، والطَّباشير والجبن، وإثبات التَّالي.
ويضيف المؤلف: "كتاب /المغالطة المنطقية بين التحقُّقِ والتوهُّم/ يأتي ليكون ذا حضور في المكتبة العمانية التي تفتقر إلى هذا النوع من الكتب، كما إنه يقلّم ذلك التسرع الذي لمسه المؤلف حسب تعبيره من بعض المثقفين والنشطاء في مواقع التَّواصل في إلحاق بعض الأنماط الاستدلاليَّة الصَّحيحة بالمغالطة المنطقيَّة بحكم التَّشابه الشَّكلي لا المضموني، ولفت النَّظر إلى بعض المغالطات المنطقيَّة غير المذكورة في كتب المغالطات، مع سكِّ مصطلحات لها حتى تكون أعلومةً عليها.
وفي السياق ذاته يقول: في العموم أرى أن طرق مثل هذه الموضوعات من شأنه أن يمدَّ القارئ بالذَّخيرة اللَّازمة التي تعينه على تقييم الأفكار والآراء ونقدها، فالقرَّاء بأمسّ الحاجة إلى معرفة ما يُقيم أَوْدَ تفكيرهم، ويُصلح عثرات استدلالهم، ويميط لهم لُثُمَ المغالطات عمَّا يقرؤونه ويسمعونه، نعم؛ هم في الحقيقة بأمسّ الحاجة إلى ما يُوقظ فيهم سقراط المنطق، ويُبعد عنهم شبح بروتاجوراس المَغلطة.
الجدير بالذكر أن هذا الكتاب هو الإصدار الثاني للمؤلف أحمد بن علي التَّميمي بعد الإصدار الأول الذي نشرته دار الغشام عام ٢٠١٨م بعنوان مناجزة الإلحاد (٧٢٧ صفحة) بالاشتراك مع محمود المسلَّمي.
/العمانية/
خ م ي س