الشارقة في 3 يناير /العمانية/ خصّصت مجلة "الشارقة الثقافية" افتتاحية عددها الأخير الـ(63) لموضوع الملْكية الأدبية وحماية الإبداع والمبدعين، مؤكدة أن هذا الأمر "ضرورة ملحّة في هذا العصر وكلّ عصر، وحاجة ضرورية لإحداث أيّة نقلة على المستويين الفكري والثقافي".
وأوضحت الافتتاحية أن توفير الحماية للإبداع يؤدي إلى ازدهار التأليف وتشجيع الأقلام وانتشار الكتب ودور النشر، واتساع الساحة لمزيد من الفعل الثقافي، لأنّ الحفاظ على حقوق المؤلف وصون نتاجه من أيّ انتهاك "يجعلانه يشعر بالرضا وتحقيق الذات والطمأنينة"، فضلاً عن أنّ الحماية من خلال الملْكية الأدبية "تدفع باتجاه الابتكار وإيحاد طرائق معرفية حديثة، واستنبات أفكار غير مسبوقة، وإيلاء الأهمية للصناعات الإبداعية"، ومن شأن ذلك أن ينقل المجتمعات إلى مرحلة أكثر تصالحا وانسجاما ووعيا، ويجعل الشعوب تخطو خطوات واسعة في البناء والتقدّم والتحرر.
وتناول مدير التحرير نواف يونس واقع القصة القصيرة ومستقبلها، مشيرا إلى أنّ المشهد القصصي العربي شهد منذ بدايات السبعينات وحتى نهاية الألفية الثانية، إشراقات لافتة، وبرزت أسماء قصصية منها على سبيل المثال محمد خضير وزكريا تامر ويحيى الطاهر عبدالله وواسيني الأعرج ورشيد بوجدرة وعزالدين المدني، وكانت ذات اتجاهات واقعية ورمزية تجريبية، نتيجة لاهتمام المؤسسات المعنية ثقافياً، فخُصصت لها الجوائز والمسابقات، وتم إنشاء نوادٍ للقصة إلى جانب تبني الصفحات الثقافية في الصحف والمجلات للكثير من كتاب القصة الواعدين.
واستدرك يونس بقوله إن هناك خفوتا واضحا لامسَ مكانة القصة في السنوات الأخيرة، رغم أن القصة جنس أدبي يتميز بالقدرة على استمرارية التطور ومواكبة المتغيرات والتحولات المجتمعية، وهو "ما يجعلنا نتوجس خيفة على مدى جاهزية هذا الفن القصصي للتطور، وترسيخ ثوابته الفنية والفكرية في المشهد الثقافي العربي مستقبلاً".
وتوقف يقظان مصطفى عند حكيم الأندلس عباس بن فرناس الرجل الذي حاول الطيران قبل 12 قرناً، وتناول / د. هانئ محمد/ مشروع جورج سارتون حول تاريخ العلم الذي تميز بالنزاهة وأنصف العرب، وكتبت نوال يتيم عن أغناطيوس كراتشكوفسكي الذي كرّس حياته لدراسة اللغة العربية، بينما رصدت /أسماء أحمد رأفت/ تاريخ مدينة الخليل التي مرت عليها حضارات الآشوريين والبابليين والإغريق والرومان ودخلها العرب في القرن السابع للميلاد، أما /محمد أحمد عنب/ فجال في مدينة شنقيط التي تعدّ ذاكرة موريتانيا التاريخية.
واستعرضت /شيرين ماهر/ رحلةَ الروائي تنزاني الأصل عبدالرزاق قرنح نحو جائزة نوبل، وقدم /د. ضياء الجنابي/ مداخلة حول تقنيات الحداثة عند رواد الشعر الحر، وقرأت /زمزم السيد/ سيرة الأديب والناقد السوري نبيل سليمان الذي يحلم بالتفرغ للقراءة والكتابة، بينما استعرض /عزت عمر/ مرجعيات النص السردي عند ماركيز في روايته "مئة عام من العزلة".
وبيّن / د. سعيد بكور/ الجدل الواقعي والمتخيل في سيرة عنترة، وتناول /عمر أبو الهيجاء/ كتاب "حارس الحكايات" الذي يمثل تكريماً للناقد /د. فيصل دراج/ ويضم شهادات ودراسات عن دوره الثقافي، بينما كتب /وليد رمضان/ عن الكاتب مارون عبود الذي يعدّ رائد النهضة الأدبية في لبنان، وتوقّف /محمد حسين طلبي/ عند أعمال الأديب الجزائري ياسمينة خضراء التي تُرجمت إلى 36 لغة.
وحاورَ /أحمد حسين حميدان/ الشاعرَ مصطفى أحمد النجار الذي أكد أن التجديد والحداثة في جهة واحدة من الإبداع، واحتفى /د. رضا عطية/ بالشاعر سيف الرحبي، الوجه الأبرز للشعر العماني المعاصر والذي شكل بصمة تعبيرية متفردة، وتوقف / عمر إبراهيم محمد/ عند رحلة عبدالوهاب المسيري الفكرية، وأجرى /عذاب الركابي/ مقابلة مع الكاتب والشاعر عيد عبدالحليم الذي قال إن الشاعر هو الرائي وسارق النار بامتياز، وتوقف /محمد عبدالشافي القوصي/ عند تجربة الشاعر عبدالحميد الديب، الذي يعد شاعر البؤس وآخر صعاليك الأدب.
ونقرأ في العدد أيضاً موضوعات في الفنون، من بينها: سوسن جلال.. لوحاتها حالات ثقافية جمالية (أديب مخزوم)، نجاة مكي.. تنحاز ألوانها للأزرق والأبيض (عبدالعليم حريص)، كرم مطاوع.. رجل المهمات الصعبة (أمير شفيق حسانين)، مصطفى العقاد.. مخرج عالمي بتوقيع عربي (سوسن محمد كامل).
وتضمّن العدد مجموعة من المقالات، منها: المؤرخون العرب وعصر الصورة (د.محمد صابر عرب)، إشراقات النثر العربي.. مقامات الوهراني ورسائله (د.حاتم الصكر)، القراءة مفتاح مستودع المعارف (رعد أمان)، عوالم وحكايات عبدالفتاح صبري الخفية (فرج مجاهد عبدالوهاب)، أبعاد العمل الفني الإبداعي ومكوناته (د.مازن أكثم سليمان)، السيرة الذاتية للأديب (غسان كامل ونوس)، أنيس الرافعي.. حداثة الحكي في القصة العربية المعاصرة (د.يحيى عمارة).
/العمانية/
ع م ر