مسقط في 14 ديسمبر /العُمانية/ نظمت وزارة الإعلام ممثلة بصحيفة عُمان على هامش احتفالها بمرور 50 عامًا على صدورها الأول اليوم ندوة بعنوان "هذا البلد.. وهذه الجريدة" بمركز عُمان للمؤتمرات والمعارض في محافظة مسقط.
وهدفت الندوة إلى التركيز على السياقات السياسية والثقافية والاجتماعية المصاحبة لنشأة صحيفة "عُمان"، وحللت مضامين الصحيفة وخطابها الصحفي في مختلف المجالات وخصائص الإخراج الصحفي، وسجلت شهادات بعض الشخصيات الصحفية والثقافية التي رافقت مسيرة الصحيفة.
وتضمنت الندوة أربعة محاور رئيسة وهي: "السياقات السياسية والثقافية والاجتماعية في سلطنة عُمان فترة تأسيس صحيفة عُمان وتطورها"، و "التطور المؤسسي لصحيفة عُمان (1972- 2022م)"، و "خطاب صحيفة عُمان السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي (1972 – 2022م)"، و "إخراج صحيفة عُمان وتصميمها (1972 – 2022م)".
وناقشت الندوة في جلستها الأولى التي أدارها مسعود الحمداني نشأة صحيفة "عُمان" ومكانتها وتنظيمها ومستقبلها من خلال استضافة الدكتور عبد المنعم بن منصور الحسني وزير الإعلام السابق الذي قدم ورقة عمل بعنوان "شاهد.. ومشاهد"، وذكر من خلالها سبعة مشاهد عاشها شاهدًا على عُمان الجريدة، وقصصًا تحكي تجارب حياتية مع أناس عاشوا وتعايشوا وتشرّبوا عشق عُمان وطنًا وجريدة.
أما الكاتب والباحث الدكتور محمد ناجي عمايرة فأشار في ورقة عمله التي بعنوان "صحيفة عُمان في إطار المشروع الوطني الأول للإعلام العُماني: مرحلة التأسيس" إلى دور الصحيفة في إطار المشروع الوطنيّ الأول للإعلام العُماني في مستهلّ انطلاقة حركة النهضة العُمانية الحديثة بقيادة السُّلطان قابوس بن سعيد بن تيمور /طيب الله ثراه/ في عام ١٩٧٠م.
وقال إن تأسيس صحيفة عُمان تزامنًا مع مشروعات تنموية واقتصادية وتحديثية وتربويّة وتعليميّة مختلفة عبر المسيرة العُمانية المتطورة على مدى خمسة عقود كان الإعلام خلالها رافعةً وطنية وعين مراقبة وكلمةً مسؤولة.
وعرج الدكتور محمد ناجي عبر ورقة العمل إلى الواقع السياسيّ في سلطنة عُمان في مستهلّ انطلاق النهضة العُمانية الحديثة، وجهود الحكومة لتأكيد وجود سلطنة عُمان وحضورها في المجتمع الدولي عبر العلاقات الثنائية وعضوية مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة.
من جانبه رصد عبد الرحمن بن سعيد المسكري المحرر المسؤول بمجلة نزوى عبر ورقة عمل بعنوان "تنظيم العمل الإداري والتحريريّ في صحيفة عُمان (1972 - 2022): قراءة في المدوّنة القانونية والإدارية" التحوّلات الإداريّة والهيكليّة التي طرأت على صحيفة عُمان خلال نصف قرن من العمل الإعلامي بدءًا بإنشائها في 18 نوفمبر 1972م، وحتى 18 نوفمبر 2022م، ووضح ما رافق تلك التحولات من شروط موضوعيّة استدعت التغيير في شكل الكيان القانوني الشامل لهذه الصحيفة.
وعرف المسكري بالدوائر والأقسام التي انضوت تحت إدارة صحيفة عُمان، والتوصيف الموضوعي لوظائفها وأدوارها المنوطة بها، كما أشار إلى أشكال الاختلاف والتغيير التي لحقتها وفقًا للأهداف الأساسية للصحيفة والاحتياجات والتطورات المتلاحقة.
وقال عاصم بن سالم الشيدي رئيس تحرير صحيفة عُمان في ورقة عمل بعنوان "صحيفة عُمان وطريق المستقبل" إن الصّحافة التي تشهد اليوم الكثير من التحديات الذّاهبة إلى مزيدٍ من التعقيد مع كل طفرة تكنولوجية في مجال الاتصالات، وأمام التحديات البنيوية التي تواجهها الصحافة، في جميع دول العالم، والتي تصل إلى حدِّ تهديد بقائها على شكلها الحالي، لا بد للصُّحف إن أرادت الاستمرار والبقاء والقيام بدورها الحقيقي أن تعرف كيف تتكيّف مع متغيّرات العصر وأدواته.
وأضاف أن رغم العلاقة التاريخيّة بين قراء الصّحف والورق ورائحته؛ إلا أنّ الكثير من المعطيات تشير إلى أنها علاقة قد لا تدوم كثيرًا، حتّى بين أكثر المُغرمين بالورق، لسببٍ بسيطٍ هو أن هذا الورق قد لا يتوفّر بعد عقد من الزمن، ولا بدّ لهؤلاء، وأنا بينهم، أن نبدأ في التكيّف مع رائحة الحبر الإلكترونيّ إن كان له رائحة.
ووضح أن الحديث عن مستقبل صحيفة عُمان لا يتوقف عند حدود الشكل هل هو ورقي أم إلكتروني وإنما يتعداه إلى المضمون وهذا هو الرّهان الذي نعمل عليه في الصحيفة، وأمامه نسأل أنفسنا دائمًا: ما الرسالة الصحفية التي علينا أن نقدمها لهذا الجيل أمام هذا المدِّ الكبير من المعلومات المتدفقة من كل مكان.
وأكد رئيس تحرير صحيفة عُمان على أن الصحيفة التي تحتفل اليوم بمناسبة مرور 50 سنة على بدء إصدارها لديها طموح كبير لأن تكون معبّرة عن طموحات هذا الجيل من الشباب العُماني؛ ولكن في الوقت نفسه أن تكون أحد مؤسسات صناعة وعيه وبناء معرفته.
وفي الجلسة الثانية التي أدارتها منى بنت حبراس السليمية، تحت عنوان "خطاب صحيفة عُمان ومضامينها الصحفية"، قال الدكتور حسني محمد نصر أستاذ الصحافة والنشر الإلكتروني المشارك، بجامعة السُّلطان قابوس عبر ورقة العمل "الثابت والمتغير في خطاب صحيفة عُمان والعوامل المؤثرة فيه" إن خطاب الصحف ووسائل الإعلام يمثل أحد أهم مكوّنات شخصيتها الإعلامية وعنصرًا مهمًّا من عناصر قوّتها وقدرتها على الاستمرار وتحقيق أهدافها.
وأضاف أن صحيفة عُمان تُعد إحدى أبرز وأهم القوى الصحفية والإعلاميّة في سلطنة عُمان منذ صدورها في العام 1972م وحتى اليوم حيث أسهمت وما زالت تسهم من خلال خطابها الصحفي في النهضة العُمانية، إذ عاصرت بداياتها، وكانت رافعة أساسية من روافعها الإعلامية.
وأشار الكاتب الإعلامي فتحي سند في ورقة عمل بعنوان "مسيرة الصحافة الرياضية بصحيفة عُمان" إلى أن الرياضة تمثّل قطاعًا أساسيًّا في مناحي الحياة اليومية، فلا بد أن تشغل حيّزًا كبيرًا في صحيفة عُمان بعد أن صدرت يومية لتلبّي رغبات واحتياجات المواطن في اتجاهين أساسين هما تغطية الأحداث الرياضية بأسلوب تشويقيّ يميل إلى البساطة، وتوصيل رسائل عبر الأنماط الصحفية المختلفة التي تمثّل (الخبر، الحوار، التحقيق) بهدف التوعية والتثقيف بأهمية وضرورة ممارسة الرياضة.
وتطرقت هدى حمد مديرة مجلة نزوى عبر ورقة عمل بعنوان "خصائص الخطاب الثقافي في صحيفة عُمان: ملحق "شرفات" أنموذجًا (2002 - 2017)" إلى استقراء انفتاح الملحق على أشكال كتابية مختلفة من عددٍ لآخر، حيث حضر الشعر والقصة وفصول من الروايات، والأخبار الثقافية المحلية والعربية والعالمية، والمقالات والترجمات ومراجعات الكتب.
وأشارت إلى انفتاح الملحق على مشروعات من مؤسسات أكاديمية وثقافية مختلفة منها "الجسر" وهو النافذة المعنية بالترجمة بالتنسيق مع مجموعة الترجمة بجامعة السُّلطان قابوس، و"نون" بالتعاون مع جمعية الكتاب والأدباء، و"أقاصي" بالتعاون مع جماعة القصّة بالنادي الثقافي.
وقالت الكاتبة والصحفية عزيزة الحبسية في ورقة عمل بعنوان " الخطاب الاجتماعي في صحيفة عُمان "إن الخطاب الاجتماعي للصحيفة ركز على الحراك المدنيّ ومؤسسات المجتمع المدنيّ العُماني الذي بدأ بالتشكل في فترة مبكرة جدًّا حيث تأسست أول جمعيّة للمرأة العُمانية في مسقط في عام 1972م.
من جانبه قدم خالد بن راشد العدوي رئيس قسم المحليات بصحيفة عُمان في ورقة عمل بعنوان "المضمون الصحفي في صحيفة عُمان (1972-2022): قراءة بانورامية" قراءة في المضمون الصحفيّ في الصحيفة خلال الفترة (1972 – 2022)، من حيث المضمون، والمواد الصحفية المنشورة، والأسلوب الصحفي المستخدم في كل مرحلة من مراحلها الانتقالية وصولًا إلى عام 2022م.
ورصد العدوي عبر الورقة التطوّر الموضوعي للمضمون الصحفي للصحيفة، والمراحل الانتقالية التي مرّت بها، من خلال استعانته بعددٍ من المرجعيّات والبحوث التي تناولت صحيفة عُمان بالدراسة والتحليل والوصف، كما قدم تحليلًا وصفيًّا لتطور مضامين الصحيفة وفق محاور تتناول أبرز التغيرات، واتجاهات المضمون، وأهم الكتاب والصحفيين.
وجاءت الجلسة الثالثة التي أدارها أحمد بن سالم الفلاحي تحت عنوان "تصميم صحيفة عُمان وإخراجها"، إذ قدم الأستاذ الدكتور أشرف محمود صالح أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، ورقة عمل بعنوان "صحيفة عُمان في 50 عامًا.. السباحة ضد التيار".
وقال الدكتور أشرف إن صحيفة عُمان كانت أكثر الصحف العُمانية تأثرًا بالمتغيرات المؤثرة في إخراج الصحف، وشهدت في منتصف الثمانينيات تطورًا ملحوظًا من خلال التوسع في استخدام الصور الملونة، وتوجيه اهتمام متزايد بالعناوين الصحفية حجمًا وشكلًا، والاتجاه إلى إلغاء الفواصل الطوليّة بين الموضوعات.
وأضاف أن السنوات الـ30 الأخيرة من عمر صحيفة عُمان تميزت بمقاومتها للعوامل المثبّطة للنموّ والتطوّر في الصحافة بشكل عام.
وقال الدكتور محمد مختار ساطور أستاذ تصميم الإعلان المساعد، في قسم الإعلام، بجامعة السُّلطان قابوس في ورقة عمل بعنوان "الإعلان الصحفي في صحيفة عُمان خلال خمسين عامًا .. السمات والتحديات والفرص"، إن الإعلان الصحفيّ قام بدور مهم وحيوي لازم الصحيفة منذ نشأتها في ١٨ نوفمبر ١٩٧٢م.
وأضاف أن الصحيفة لم تكن بمنأى عن التطور الكبير في مجال تصميم الإعلان الصحفي، حيث سعت منذ نشأتها إلى تقديم الإعلانات بشكل يتناسب مع المستوى التقني لكل عصر، وحرصت على تحديث قسم التصميم الجرافيكي بالمعدّات اللازمة لتنفيذ الإعلانات، وضمّت كوادر فنية مميّزة.
وذكرت خلود بنت خميس الحضرمية أخصائية أولى استثمار في وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات في ورقة عمل بعنوان "خصائص تطبيق الهاتف الذكي لصحيفة عُمان" أن التطبيق الإخباري للهواتف الذكيّة والأجهزة اللوحيّة تأسس في عام 2012م، ويشتمل على مجموعة من الأقسام، وهي نفسها التي يتضمنها الموقع الإلكتروني.
وأشارت إلى أن القائمين على التطبيق يعملون على تحديثه تلقائيًّا بصفة يوميّة، عبر نقل المحتوى الإخباري من الموقع الإلكتروني إلى أقسام التطبيق المختلفة.
وفي الجلسة الأخيرة، استمع الحضور إلى الذكريات التي رواها مؤسسو الصحيفة، وكان لهم دور بارز في مسيرة العمل الصحفي وهم: سيف بن سعود المحروقي، وخالد بن حمد المعمري، وفاطمة غلام، وعوض باقوير، وناصر درويش.
تجدر الإشارة إلى أن صحيفة "عُمان" استطاعت خلال نصف قرن من الإنجاز الصحفي المساهمة في تشكيل وعي الإنسان العُماني منذ بداية النهضة الحديثة من خلال طرح مضامين صحفية تلامس قضاياه ومشكلاته المختلفة، كما تعد الصحيفة بمثابة ذاكرة الوطن الشاهدة على تحولات التنمية الشاملة في مختلف القطاعات والمجالات.
وكان العدد الأول من الصحيفة قد صدر في 18 نوفمبر 1972 بصفة أسبوعية، ثم تغيّرت دورية صدورها لتصبح نصف أسبوعية، إذ كانت تصدر يومي الثلاثاء والخميس، وفي عام 1980 أصبحت تصدر يوميًّا ما عدا الجمعة، لتتحول إلى صحيفة يومية في 1984.
/العُمانية/
عُمر الخروصي