الأخبار

الكاتبة شيخة الفجرية: الإسقاطات تتكثف في ذهن الكاتب كلما أطلَّ من شرفة الأيام
الكاتبة شيخة الفجرية: الإسقاطات تتكثف في ذهن الكاتب كلما أطلَّ من شرفة الأيام

مسقط في 20 مارس /العُمانية/ تجربة أدبية فنية متنوعة تقدمها الكاتبة العُمانية شيخة بنت عبد الله الفجرية وتجسد حضورها على خارطة الكتابة الإبداعية في سلطنة عُمان بدءا من التوجه إلى النصّ الدرامي الإذاعي والتلفزيوني مرورا بالسرد في سياق الرواية والقصة القصيرة، مع التوقف حيث المسرح ومقتضياته، لديها أكثر من 15 عملا دراميا تلفزيونيا وإذاعيا بدءا بالبرامج الإذاعية الصباحية وأخرى في شأن الموروث الشعبي والتراث الثقافي غير المادي.

فالراصد لمسيرتها مع الكتابة يجد ذلك التنوع في صنوف الفعل الأدبي، وذلك الترابط والتوافق مع هذا التنوع، وعن مدى استطاعتها الإمساك بزمام أفكار تلك الأصناف تقول الفجرية: إنها نعمة الكتابة ومن ثم نعمة تعدّد الأشكال النصّية في الكتابة في هذا السياق، فالترابط والتوافق يتمثل في الأفكار وما يأتي خلالها، فالفكرة هي من تختار لنفسها في أي شكل نصّي تكون، وكل ما أفعله هو الكتابة ومحاولة كسب تغذية راجعة مفيدة.

أما مسألة الإمساك بزمام الأمور في الكتابة فالمسألة خاضعة لاتساع كل فكرة على حدة، فهناك أفكار تتسع لأن تكون تامة في شكلها النصي سواء كانت كتابا أو مسلسلا أو مقالا أو قصيدة شعرية، ماعدا كتابة المقالات، التي غالبًا ما تكون بطلب من جهة النشر، بينما هناك أفكار غير تامة تنتظر الإكمال أو الاكتمال أو ربما أنا من ينتظر اتساعها لتكتمل، لذلك تتوزع في جهازي على هيئة نصوص غير مكتملة في شتى الأنواع.

وفي سياق الكتابة الأدبية التخصصية تشير الفجرية إلى إمكانية أن يكون الكاتب متخصّصًا في نطاق أدبي محدّد، وعن الإشكالية في التنوع حيث الصنوف الأدبية توضح الفجرية: أن الكاتب يعطي بقدر ما لديه، ومن وجهة نظري الشخصية فإن الشغف الذي يحرضني على قراءة أنماط أدبية وثقافية وفنية متعددة، هو ذاته الذي يحرضني على الكتابة في أنماط أدبية وثقافية وفنية متعددة كذلك، وما يجعلني أقرأ في شتى الصنوف الأدبية وغير الأدبية هو ذاته الذي لا يجعلني أستطيع التخصص في نطاق أدبي محدد، وأقول إن الإشكالية تكمن في مدى التمكن والتفاعل مع هذا التنوع الذي يستقي منه الكاتب أفكار مادته التغذوية الراجعة والكتابية فـ"فاقد الشيء لا يعطيه"، وكذلك من يمتلك ما يحبه لا يستطيع التفريط فيه. وكل ما أكتبه فإنني أكتبه بشغف وبدون أي حسابات سابقة أو لاحقة.

وتتحدث الفجرية عن علاقتها بالدراما الإذاعية التي بدأت مع المسلسل الإذاعي "عائلةٌ في الميزان" قبل أكثر من 20 سنة، وهناك أعمال كثيرة جاءت متتالية، وتشير إلى الكيفية التي استطاعت بها الدراما الإذاعية المحلية الإمساك بفكرة ما يود المجتمع أن يكون قريبًا منه، ومدى الحاجة إلى نبش قضاياه بصور يؤثثها الوعي نحو الكتابة اليوم.

وتقول: نعم، علاقتي بالدراما بعيدة، وهذه أول مرة أنتبه لعدد السنوات التي أرَّخَت بداية ولوجي لعالم الدراما، فكان أول مسلسل كتبته وأنا في الصف الثاني ثانوي، وأول مسلسل بث لي كانَ مسلسلًا إذاعيًّا في عام 2000، و كتبت إلى الآن ما يقارب 10 مسلسلات إذاعية، وبذلك يكون قد مضى عليَّ في كتابة الدراما 22 عامًا، فالدراما الإذاعية طائرٌ لا يستطيع التحليق في غير سمائه المحلية، أجنحتها قصيرة ولا تستطيع قطع المسافات البعيدة، وها نحن نشاهد أعمالا درامية من كل العالم ولكننا لا نستطيع الاستماع للأعمال الدرامية الإذاعية من كل دول العالم بل لا نستطيع متابعتها حتى من بعض الدول العربية. وبالتالي فإن هذه المحلية تفرض على الدراما الإذاعية الانصراف إلى القضايا المحلية التي لا يخلو منها أي عمل درامي إذاعي عماني.

وللفجرية جملة من الإصدارات الأدبية من بينها "النص الدرامي الإذاعي والتلفزيوني جنسًا أدبيًّا (من التجنيس إلى المنجز الفني)"، وتقول عنه أنه يتتبع أثر النص الدرامي من العامِ 1970 إلى العام 2015"، وكتبت فيه عن فكرة الدراما في عُمان، وعن باكورة النصوص الدرامية الإذاعية والتلفزيونية العُمانية، والنصوص العالمية والعربية التي تمت الاستعانة بها في الدراما الإذاعية والتلفزيونية العُمانية، ثم توسعت الفكرة إلى كتابٍ أضفت إليه مباحث سينمائية تطبيقية وتناصية، بين فيلم سينمائي هندي ورواية أدبية ألمانية، كما ضم الكثير من المباحث التي تتحدث عن النص الدرامي الإذاعي والتلفزيوني وطريقة تحويله إلى منجز درامي متلفز أو مذيع حسب ممارستي للكتابة الدرامية وحسب دراستي للسيناريو.

وعن خصوصية طرحه توضح: الخصوصية منبعها الحاجة إلى العناوين والموضوعات العُمانية الخالصة، إذ أنه ثمة الكثير من العناوين التي يجب طرقها والولوج إلى موضوعاتها ومناقشتها وإظهارها للناس، والثقافة العُمانية القديمة والحديثة كبيرة جدًا ولا بد من إبرازها بشكل يليق بعُمان الحضارة والإنسان.

وتتحدث عن ماهية رواية "تلك المائة عام أوراق الحب والعز والانكسار" الصادرة عام 2021م فتقول: سيناريو مسلسل تلفزيوني من 31 حلقة كاملة تم تكليفي بكتابته في فترة سابقة تعود للعام 2011 أو ما قبل ذلك، يتحدث عن مجتمعين عُمانيين في مكانين مختلفين بين الفترتين 1908-1920م، هما: مجتمع الصحافة العُمانية في زنجبار ومجتمع الرزحة في باطنة عُمان. وهذه الرواية استنتجت الفروقات بين النص الدرامي الإذاعي والتلفزيوني والرواية، أي الفرق بين النص الدرامي والنص الأدبي، ما الذي كسبه النص الدرامي وخسره النص الأدبي والعكس صحيح، فكانت المقارنة على صعيد عدد الصفحات، والشكل النصي، وعدد الشخصيات، وعدد الموضوعات والقضايا، ومساحة المكان والزمان والكثير من المقارنات بين الشكلين النصيين الأدبي والفني.

ولأننا في سياق فكرة الكتابة، والبحث عن تفاصيلها على وجه العموم، توضح الكاتبة شيخة الفجرية كيف استطاعت الاقتراب من الواقع المعاش حولها، وتقديمه بطرق متنوعة برؤيتها الخاصة، كما تقربنا من قلق فكرة الكتابة لأن تكون في نهاية المطاف صورة واقعية لدى المتلقي وتقول: الإسقاطات تتكثف في ذهن الكاتب كلما أطلَّ من شرفة الأيام على ما يجاورها من واقع معاش، لإيجاد عالم موازٍ لعالمه الواقعي، وعليه، تندلق التفاصيل الحياتية إلى عقلي وقلبي وتفكيري وقلمي لتؤثث لنفسها صيغة نصيّة كتابية تعبر عن بعض ما يدور حولي.

أما ما يسمى بـ"قلق الكتابة" فهو يتلخص في كيفية المزج بين الواقعية بكل مراراتها وبين الخيال البهيج بكافة أشكاله تراجيديا كان أو كوميديا، واقعيا أو فانتازيا، وكيف أصل إلى الصفحة الأخيرة بسلام.

أما النص المسرحي "عندليب الشارع" الفائز بجائزة "أفضل نص" في مهرجان سندان لمسرح الشارع 2022، فيأتي ضمن سياق الكتابة الواقعية، وتوضح الفجرية كيف استطاع المتابع استقراء فكرته، وتبيين آليات تطويعه ليكون بطابع مسرح الشارع الذي يعتبر نوعا ما جديدًا في سلطنة عُمان وتؤكد: هذا النص كان واقعيًّا لدرجة الألم، فيحكي قصة طفل مجهول الأبوين، ووجدت الحضور المتحلّق حول العرض بكثافة متأثرًا بالشخصيات لدرجة البكاء. مما يعني أن النص أوجد لنفسه مواكبة استقرائية نفذت إلى شعور ووجدان الجمهور الحاضر، ولجنة التحكيم التي منحتني جائزة أفضل نص.

/العُمانية/ النشرة الثقافية / خميس الصلتي

أخبار ذات صلة ..