الأخبار

الروسية ماريا إلتسوفا تُعبّرُ عن جمال الجزائر في لوحات مُبهرة
 الروسية ماريا إلتسوفا تُعبّرُ عن جمال الجزائر في لوحات مُبهرة

الجزائر في 11 سبتمبر /العُمانية/ تُقدّم الفنانة الروسية ماريا إلتسوفا وجهة نظر فنانة تشكيليّة قادمة من بلد فيودور دوستويفسكي، حيث وقفت على كثير من مساحات الجمال والإبهار التي تختزُنها المدينة الجزائرية، بزخمها الثقافي والفني والمعماري، وذلك في المعرض المشترك الذي نظّمته مع زوجها الفنان التشكيلي الجزائري كمال بلطرش، بغاليري عائشة حداد بالجزائر.

وتقوم فلسفة هذه الفنانة الروسية على إعادة توثيق جماليات المناظر الطبيعيّة، والتراثيّة، عبر اللّعب على وتر الألوان الجذّابة، واللّمسات الفنيّة الدقيقة، لتكون اللّوحة ترجمة أمينة للحظات الإعجاب، والتأمُّل التي تنتقل من العين، وتجسّدُها الأنامل في أبهى صورة.

ويُلاحظ المتأمّل لأعمال الفنانة ماريا إلتسوفا وزوجها، أنّه عبر العنوان "وتستمرُّ الرحلة" الذي اختاراه لهذا المعرض، تلتقي لوحات النسوة الجزائريات وهنّ يرتدين "الحايك" الأبيض، مع بنايات حيّ القصبة العتيق بقرميدها الأحمر، ومآذن مساجدها، وكأنّها تقول للعابرين: إنّ الحياة والتاريخ مستمرّان في انسجام من الجمال، والبهجة، لا يمكن لهما أن ينقطعا تحت سطوة التحوُّلات التي تعرفُها مدينة الجزائر التي تتوسّع باستمرار بحكم التمدُّد العمراني، شأنُها في ذلك شأن كلّ الحواضر الكبيرة في العالم.

وإلى جانب دفقة الجمال التي تختزنُها أعمال الفنانة ماريا إلتسوفا، فإنّها تبعث في النفس أيضًا موجات من الجمال، والتفاؤل، وحب الحياة والإقبال عليها بفضل الألوان المُبهجة التي تستخدمُها هذه الفنانة في لوحاتها مثل الأبيض، والأزرق، والأحمر القرميدي، والأصفر، وكذا التموُّجات التي تصنعُها عبر ريشتها، وأنفاسها الفنيّة الشفّافة.

وتقول الفنانة ماريا إلتسوفا في حديث لوكالة الأنباء العُمانية، إنّ أعمالها مستوحاة من مشاهداتها وجولاتها السياحيّة التي قادتها إلى العديد من الولايات الجزائرية، على غرار الجزائر العاصمة، بأحيائها القديمة، وحاراتها، ومساجدها، وبسكرة، وغرداية (جنوب الجزائر)؛ بكلّ الجمال الذي تختزنُه هذه المدينة بعمارتها المتميّزة، وسكّانها الطيّبين، إضافة إلى "الرجال الزرق"، وهم الطوارق سكّان جنوب الجزائر، الذين جسّدتهم في أكثر من لوحة بأزيائهم المعروفة التي تمتزج فيها ألوان الأزرق، والأبيض، والأسود.

وتتميّز أعمال الفنانة الروسية في ترجمة التراث الجزائري، بالمزج بين مختلف المدارس الفنيّة التشكيليّة العالمية، على غرار الواقعية، والتصويرية، والتجريدية، إذ تشتغل هذه الفنانة، رفقة زوجها، في أكثر من 80 لوحة معروضة، على مواضيع تراثيّة متنوّعة، تؤكّد مدى تأثُّرها الشديد بالموروث الثقافي الجزائري، وذلك ما أبرزه زوجها الفنان التشكيلي كمال بلطرش، في حديثه لوكالة الأنباء العُمانية، بالقول: "زوجتي تعشق تصوير التراث الجزائري العريق، وهي عندما تصوّرُ "الحايك"، أو "العجار"، وهما من رموز اللّباس التقليدي الجزائري، فإنّما تريد أن تُعبّر من خلال ذلك، عن شدّة تأثُّرها بهذا الموروث الثقافي، وإعجابها الشديد به، وقد رأيتُها مرّات عديدة تتحدّث مع نساء جزائريات طاعنات في السنّ عن هذا اللّباس التقليدي في منطقة البريد المركزي بالعاصمة الجزائر، وهي من المعاقل التي كان "الحايك" و"العجار" ينتشران فيها إلى غاية ثمانينات القرن الماضي".

‎كما تعمل الفنانة ماريا إلتسوفا في لوحاتها على إغنائها بالتفاصيل، لإعطاء الحيوية لأعمالها الفنيّة؛ إذ لا تتردّد في رسم النسوة وهنّ يرتدين الحليّ التقليدية، كما ترصد دقائق التفاصيل إذا كان الأمر يتعلّق بالعمارة القديمة، إلى درجة تجعل من يُشاهد أعمالها وكأنّه أمام صورة فوتوغرافيّة، وليس لوحة فنيّة تشكيليّة.

من جهة أخرى، يؤكّد الفنان كمال بلطرش، الذي يُشارك زوجته بعدد من الأعمال التشكيليّة، أنّ طريقته في العمل لا تُعير اهتمامًا كبيرًا للتفاصيل، على خلاف زوجته، إذ يقوم برسم الملمح العام الذي يرغب في تجسيده، ثمّ يشرعُ في الاهتمام بالتفاصيل التي يرغب في إغناء لوحته بها.

يُشار إلى أنّ الفنانة التشكيليّة الروسيّة ماريا إلتسوفا، تلقّت تعليمًا في الفنون التشكيليّة بسوريكوف بموسكو (روسيا)، ونظّمت منذ تخرُّجها العديد من المعارض بين الجزائر وموسكو، أبرزُها معرضٌ بموسكو بعنوان "قصبة الجزائر" (1987)، ومعرضٌ بعنوان "السعادة للجميع" (1993)، وشاركت في معرضًا جماعيًّا في تركيا (2021)، إضافة إلى معرض ثنائي بفرنسا (2023).

أمّا الفنان كمال بلطرش، فهو خرّيج أكاديمية الفنون بالعاصمة الروسية موسكو، وقد شارك في العديد من المعارض الفردية والجماعية في الجزائر، وأيضًا في روسيا، وتركيا، وبريطانيا.

/ العُمانية /النشرة الثقافية /طلال المعمري