عمّان، في الأول من يوليو/العُمانية/تقدم التشكيلية الأردنية عبير حداد في معرضها "خواطر امرأة" تجربة جديدة في التعامل مع اللون والظلال التي يصنعها الجسد الواحد، فتبدو تشكيلاته كأنما هي انعكاسات أثيرية متتالية تحيط بالشكل عبر وحدة لونية تراعي أبعاد التكوين العام ومساقط الظل والضوء، مع المبالغة في الحجوم التي أرادت الفنانة أن تقدم من خلالها رسالتها في الفن.
وعبر خطوط لونية من الأكريليك تقترب من البناء الهندسي، وتقدم حداد في معرضها المقام على جاليري جودار، شخصيات تتخذ أجسادها وضعيات تبدو فيها متحاورة مع الآخر، أو في حوار ذاتي مع نفسها، أو في حالة من التأمل والتفكير.. ومنها ما يقترب من التشكيل السوريالي؛ حيث امرأة تمدّ جسدها فوق المدينة وتلمس بيدها القمر، أو طاووس يخرج من إطار لوحة ليقف على كتف المرأة التي تنظر للصورة بتأمل، أو امرأة تقف في مواجهة المُشاهد بينما تقف حمامة رمادية على كتفها فاردةً جناحيها.
وقد يتداخل جسد المرأة بأجساد أخرى تبدو في مجملها بألوانها الترابية كما لو أنها تكوين لجبل أو هضبة قوية ومتماسكة، أو قد تقف المرأة بينما الظل الذي يقف وراءها هو ظل رجل، في دلالة على التكامل بينهما.
وتختار حداد لكلّ من لوحاتها لونًا أساسيًّا واحدًا في الغالب مع استخدام تدرّجاته لإضفاء التنوع والحيوية عليها، فقد تستخدم في لوحةٍ اللونَ البنّيَّ وتدرجاته، وفي أخرى الأرجوانيَّ وتدرجاته، إلخ.. هذه الوحدة اللونية تعمل على إبراز العمق الداخلي للشخصيات النسائية التي تقدمها الفنانة، بينما تصنع الظلال عمقًا لهذه الشخصيات وتوفر جماليات بصرية من خلال الأبعاد ثلاثية الشكل.
وتتسم لوحات حداد ببطولة المرأة فيها، بينما يدور الرجل في فلك لوني كأنما يسبح في غيمة من الألوان، وبعض اللوحات تُظهر نساء فقط يتشابكن في التفاصيل، فقد تظهر الرؤوس بينما تبدو الأجساد كتلة لونية واحدة متداخلة. ومثل هذه المشاهد تتميز بالحيوية والانفعالات التي تنأى عن الصرامة والجمود، وتقترب من الروحانية والتأمّل والبهجة.
وتقول حداد حول موضوع معرضها: "جمال الأنوثة لا يقتصر على مظهر خارجي فحسب، بل يتجلى في عمق الروح والقدرة على تحمل الصعاب والتحديات بكل شجاعة وإصرار"، وتضيف: "المرأة قوة لا تُقهر تتجسد في ترابطها العميق مع الحياة، والقدرة على بناء الجسور وتحقيق الأحلام، ومع ذلك فإن صمت المرأة ليس ضعفًا، بل هو لغة تعبير تحمل في طياتها الكثير من الحكمة والعمق".
وحول التشكيلات التي تتداخل فيها الأجساد بمكونات المكان والموتيفات الدلالية والرمزية التي يتم توظيفها على أسطح اللوحات، توضح حداد: "تسعى المرأة دائمًا للحرية، ليس حرية الانفلات من القيود فقط، بل حرية التعبير والتفكير، حرية أن تكون كما تريد دون تشويش أو قيود". ملخّصةً رسالتها الفنية بتأكيدها أننا من خلال الفن "نجد الصوت الذي لم يُسمع، والكلمات التي لم تُنطق، والمعاني التي لم تُفهم بعمق".
/العُمانية/ طلال المعمري