إسطنبول في 22 يوليو/ العمانية/ يُعدّ فن تجليد الكتب القديمة في تركيا أحد أهمّ روافد صناعة المخطوطات التي اُشْتُهِر بها الفنّ العثماني .
يُمكن تتبع جذور هذا الفنّ العريق إلى القرن السابع، حيث يعود الفضل في نشأته إلى الأتراك الأويغور وفي عهد السلطان محمد الثاني (حكمه 1451-1481) أقيمت ورشة خاصة بهذا الفن في قصر السلطان العثماني، أما في عهد السلطان بايزيد الثاني (حكمه 1481-1512) فأنشئت مؤسسة لتجليد الكتب وكان يطلق على الشخص الذي يمارس هذا الفن اسم "مجلد".
ويقول "محمد قرصلي" فنان تجليد كتب بالطريقة التقليدية فيتصريح لوكالةالأنباء العمانية بأنه يستخدم في فن تجليد الكتب عدة مواد كالجلد والورق المقوى والذهب والطلاء والخيوط، كما يمكن أحيانا تزيين الأغلفة بالأحجار الكريمة والقماش أو باستخدام فني الإيبرو وقطع الورق.
وأوضح بأن الأدوات المستخدمة في هذا الفن هي القوالب، الأختام، الفرشاة، السكين المعقوف، مكبس إضافة إلى سكين من الخشب أو العظم لطي الورق أو فصله.
وأشار إلى أن (المجلدين العثمانيين) استخدموا 3 تقنيات مختلفة هي الكبس والتطعيم والتلوين.
وتقسم أغلفة الكتب إلى عدة أنواع تبعا للمواد المستخدمة في صناعتها كالجلد والقماش و"الإيبرولي" والورنيش، ومن حيث تقنيات الزخرفة تقسم إلى مجموعات مثل "شمسلي"، "زيلبهار"، "يكشاه"، "زيردوز" و"تشاركوشة".
شكل القرن الخامس عشر مرحلة انتقالية من النمط الأناضولي السلجوقي إلى النمط العثماني في فن التجليد ويتميز النمط الأول باستخدام مكثف للزخارف الهندسية.
وكان عهد السلطان محمد الثاني من أهم عصور فن تجليد الكتب وبمثابة تدشين للمرحلة التقليدية في هذا الفن فيما تميز هذا الفن في عهد السلطان بايزيد الثاني بعنصر الإبهار البصري سواء من حيث الألوان أم من حيث الصناعة وجودة الزخرفة وتتميز الأنماط التقليدية مثل "شمسلي"، "سالبيكلي" و"كوشيبينتلي" بإحاطة المجلدات بإطار.
أخذ فن تجليد الكتب التركي شكله التقليدي في عهد السلطان سليم الأول (حكمه 1520-1566) وحينها ظهرت الزخارف النباتية المرسومة بأسلوب يطلق عليه اسم "ساز" إضافة إلى استخدام "الشمسة" الغائرة وزخرفة الزوايا المذهبة والأغلفة المصنوعة من الأقمشة المعالجة أو الأغلفة الـ "روغاني" (المطلية بالورنيش) والمزينة برسوم لمناظر طبيعية أو زهور، كما شاعت صناعة أغلفة مرصعة بالأحجار الكريمة كانت نتاج تعاون مذهل بين المجلّدين والصاغة.
ومع انحسار الإمبراطورية العثمانية في القرن السابع عشر تراجعت جودة فن التجليد.
لازال فنّ تجليد الكتب القديمة في تركياقائما ليمثل إرثًا حضاريًا هامًا لكنه يُواجه تحديات البقاء في ظلّ التطورات الحديثة.
/ العمانية/النشرة الثقافية /طلال المعمري