روما، في 22 يوليو/ العمانية /قد يُخيّل للقارئ أن قصص الكاتب السوري أنس ناصيف في مجموعته "ماويّة"، هي يوميات تجري في مكان يحمل اسم "ماويّة"، إما لاعتمادها على ذاكرة، أو لاستحضارها القويّ لذاكرة، لكنها في واقع الأمر قصص يمكن أن يعيشها كل مواطن، أو أنه عاشها حقاً، خلال فترات ماضية، أو في المرحلة الراهنة.
تتناول غالبية القصص في المجموعة الصادرة عن "منشورات المتوسط - إيطاليا"، ما تخلفه الحروب على الناس والمكان والزمن، والمصائر المؤلمة التي تأخذ الجميع باتجاهها.
لا تعتمد القصص على نهاية مفاجئة للقصة، أو غرائبية، أو مفارقة، سواء نهاية الحدث أم مصير الشخصية، بل تعتمد على حبكتها الذاتية، وتطوراتها الخاصة. فالقصة، هنا، ليست بخواتيمها، بل بروايتها ومضامينها، إذ قد تنتهي ويكون في ذهن القارئ أنها يمكن أن تستمر، لكن إن تمعَّنّا سنكتشف أن الحدث أو الشخصية فقدا، شيئاً فشيئاً، طاقة الاستمرار.
ووفقاً للناشر، تنجح قصص ناصيف في رسم هيئتها الخاصة، لأن اللغة "لا تستعرض نفسها مجاناً، ولا تنكمش على نفسها في شحّ من المفردات أو إمكانات التعبير".
نقرأ من أجواء الكتاب الذي يحمل عنوناً: "ذاك الامتداد الأفقيُّ الشاسع الذي تقطعه عبارات أُمّ حسين، يُفقِدها عمقها الشعوري ويُفرِّغها من معناها، فتصبحُ غلافاً خارجياً لدلالةٍ يابسة. تبدو كلمتها أشبه بحَبَّة لوزٍ سقطت على الأرض الموسم الفائت، ثمَّ عَثر عليها في الشتاء اللَّاحق طفلٌ في الخامسة من عُمُره، كان سعيداً باكتشافه، ركض بسرعةٍ يقبضُ على الحَبَّة في كفِّه، كي يجلبَ حجَرَيْن، أحدهما كبيرٌ ومُسطَّح والآخر أصغر وشبه كروي، ثمَّ جلس القُرْفُصَاء وكسر اللوزة، فوجدها فارغةً ومُتعفِّنةً من الداخل. وجهُ ذاك الطفل في تلك اللحظة يُماثِل شعورَ مَنْ يستقبل تفاعُل أُمِّ حسين مع حديثٍ (يتبادله) معها".
يذكر أن ناصيف درسَ الفلسفة في جامعة دمشق، وحصل على الماجستير بالفلسفة من معهد الدوحة للدراسات العليا. فاز عام 2019 بجائزة الأصفري الممنوحة من الجامعة الأميركية في بيروت عن قصص من مجموعته الأولى "عندما كان هنالك مكانٌ للصراخ"، كما حصل على جائزة رابطة الكتّاب السوريين للإبداع الأدبي عام 2018، عن المجموعة القصصية نفسها.
/العمانية /النشرة الثقافية /طلال المعمري