الجزائر في 12 أغسطس/ العمانية/ يعرضُ الفنان التشكيلي الجزائري، عبد الحق جلاب، بغاليري قسوم بالجزائر، مجموعة من أعماله الفنيّة، وذلك تحت الاسم المستعار "هاكو"، وهو الاسم الذي اختاره لنفسه للتأكيد على استقلاليته والتزامه بحرية التعبير الفني والمهني المستقلّ لتجاوز حدود الإبداع، واستكشاف الوسائط المتنوّعة لإضفاء الحيوية على أفكاره.
وبرز الفنان، عبد الحق جلاب، المولود عام 1965 بمنطقة عين فكرون بولاية أم البواقي (شرق الجزائر)، كواحد من أكثر الشخصيات الفنيّة جاذبية في الجزائر المعاصرة، إذ تشكّلت مسيرته الفنيّة بفضل تعليم قويّ ومتنوّع، بدأ عام 1987 في المدرسة العليا لكوادر الشباب في قسنطينة، ثم استمرّ، في عام 1991، بالمدرسة العليا للفنون الجميلة بالجزائر العاصمة.
وقد طوّر "هاكو"، كفنان مستقلّ، أسلوبًا مميّزا يدمج ثراء التقاليد الفنيّة الجزائرية مع الإحساس المعاصر الجريء. وتعكسُ أعماله المعروضة استكشافًا ديناميكيًّا للمواضيع الثقافية التي ميّزت تراث الجزائر الغنيّ والمعقّد.
أمّا خارج حدود الوطن، فقد وسّع عبد الحق جلاب تأثيره الفنيّ من خلال المعارض الدولية التي شارك فيها عبر العديد من الدول، أبرزُها لبنان، وتونس، ومصر، وفرنسا، وبلجيكا، والهند. وأتاحت هذه الرحلات الفنيّة للفنان "هاكو" مشاركة رؤيته الفريدة مع جماهير متنوّعة، وتوسيع تأثير أعماله خارج الحدود الجغرافية للجزائر.
وبفضل هذه المسيرة المهنيّة، التي تخلّلتها المعارض الوطنية والدولية، يظل "هاكو"، بحسب العديد من النقّاد والفنانين، لاعبًا رئيسيًّا في المشهد الفني المعاصر، ولا تزال أعماله تثير الإعجاب والتأمُّل، وتدعو المشاهد إلى التعمُّق في جذور وأبعاد الهوية الثقافية والتطوُّر الاجتماعي من خلال منظور الفن الفريد.
وتمتزج في أعمال الفنان عبد الحق جلاب، العديدُ من المدارس الفنيّة العالمية، والمؤثّرات المحليّة التي تعود إلى ظروف تنشئته في بيئة أمازيغية مُشبعة بالفنون، وذلك ما يبدو جليًّا من خلال الألوان والرموز المستخدمة في لوحاته. كما لا يتردّدُ هذا الفنان في استخدام الخط العربي في أعماله، إذ كان للخط العربي دورٌ في تشكيل ذائقته الفنيّة لارتباطه بطفولته التي تميّزت بالتردُّد على كتّاب القرية وتحضير لوح الكتابة، والأحبار والأقلام المصنوعة من القصب على يد الشيخ الذي كان يُشرف على تعليم الصبية أبجديات الكتابة وحفظ القرآن الكريم.
ويؤكّد الفنان عبد الحق جلاب أنّ صناعة الأواني الفخارية، والأغطية والمفروشات التي كانت تُنسجُ يدويًّا، والأنشطة التي يقوم بها الرجال، مثل بناء البيوت، وجمع المحاصيل الزراعية، والأعراس واحتفالات الأعياد المختلفة التي تتميّزُ بالموسيقى، والغناء، والرقص، وارتداء الملابس والحلي زاهية الألوان، شكّلت كلُّها مصادر إلهام بالنسبة له لكونها تنطوي على جوانب فنيّة، كما لعبت دورًا كبيرًا في تكوين رؤيته الفنيّة.
وبالنسبة للتشكيلات اللّونيّة التي يستخدمُها الفنان "هاكو"، فتتجلّى أكثر في الألوان الحارّة على غرار الأحمر، والبنفسجي المحمر، والبرتقالي، والبرتقالي المحمر، والبرتقالي المصفر، والأصفر، والأخضر المصفر، وهي الألوان التي يُعبّر بها عن ارتباطه بالتراث الجزائري، والعربي الإسلامي، والأفريقي.
أمّا عن المواضيع التي تستهويه، يشير الفنان عبد الحق جلاب إلى أنّ الترحال، خاصّة لدى البدو، والمرأة، والطبيعة الجزائرية، تُشكّل أهمّ الثيمات التي تأسرُه، وتنعكس تلقائيًّا في لوحاته.
ولا يُخفي عبد الحق جلاب أنّه وقع، خلال مرحلة تكوينه الأكاديمي ودراسته لتاريخ الفن، كغيره من الفنانين المبتدئين، أسيرا لأعمال أساطين الفن النهضوي في إيطاليا، أمثال ليوناردو دافنشي، ورافائيل، ومايكل أنجلو، والانطباعيين الفرنسيين، وروّاد المدرسة التعبيرية، على غرار كلود موني، وفان غوخ، إضافة إلى تأثُّره بكبار التشكيليّين الجزائريّين، أمثال محمد إسياخم ومحمد خدة.
/العمانية /النشرة الثقافية /طلال المعمري