مسقط في 16 فبراير /العُمانية/ انطلقت اليوم فعاليات الحفل السنوي لجائزة "بيت الغشّام دار عرب الدولية للترجمة" في دورتها الثانية، والذي يستضيفه النادي الثقافي، وتنظمه مؤسسة بيت الغشام للصحافة والنشر والإعلان ودار عرب للنشر والترجمة، وتستمر فعالياته يومين.
وتهدف الجائزة إلى تحقيق عدة أهداف، من بينها تعريف القارئ العالمي بالأدب العربي وإبراز جمالياته وأصالته، وتسليط الضوء على التنوع والثراء الاجتماعي والثقافي والمعرفي الذي يزخر به العالم العربي. كما تسعى الجائزة إلى ردم الهوة بين الثقافتين العربية والغربية من خلال تعزيز توفر الترجمات الأدبية العربية الحديثة في المكتبة الإنجليزية العالمية، وتقدير دعم جهود الكُتّاب العرب والمترجمين الذين يسهمون في إيصال صوت الأدب العربي إلى العالم.
في كلمته الافتتاحية، أكد علي بن محمد المجيني، مدير دار عرب للنشر والترجمة، أن جائزة "بيت الغشام دار عرب الدولية للترجمة" التي انطلقت من سلطنة عُمان إلى العالم، تأسست على إيمان راسخ بأهمية الترجمة كجسر بين الثقافات، وتقدير عميق للأدب العربي، وحلم بتوسيع دائرة مقروءيّته عالميًا.
وأشار إلى أن دعم المشتغلين بالأدب من مؤلفين ومترجمين كان ركيزة أساسية لانطلاق هذا التعاون المثمر بين دار عرب للنشر والترجمة ومؤسسة بيت الغشام للصحافة والنشر والإعلان.
من جهته، استعرض الدكتور ألبرتو مانغويل، ضيف شرف الحفل، في كلمته دور الترجمة في تعزيز التفاهم والسلام بين الشعوب، مؤكدًا أن المترجمين لديهم مصطلحاتهم الخاصة، ويعتمدون على منطق وأدبيات معينة عادة ما تكون من تجربتهم الخاصة، لافتًا إلى أن الترجمة تبني جسورًا متينة بين الشعوب.
وقال إن الترجمة ليست مجرد عملية لغوية بحتة، بل هي فعل ثقافي وإبداعي عميق، يشبه الأحلام التي تمتلك لغتها الخاصة؛ فالترجمة تعيد ترتيب النصوص وتقديمها في سياقات جديدة، مما يجعلها عملاً إبداعيًّا وليس مجرد استنساخ للنص الأصلي، مؤكدًا أن المترجم، مثل الراوي، يعيد تشكيل العالم من خلال رؤيته الخاصة.
كما تطرق إلى الإشكالات الأخلاقية والمعرفية للترجمة، حيث يرى أنها تحمل في طياتها خيانة للنص الأصلي، لكنها في الوقت نفسه ضرورة ثقافية، مشيرا إلى مفهوم "المجاز" في اللغة اليونانية، الذي يعني النقل من مكان لآخر، كتشبيه لعملية الترجمة.
وتناول الدور المزدوج للترجمة، حيث يمكن أن تكون أداة للهيمنة الثقافية أو وسيلة للتحر، مستشهدًا بأمثلة تاريخية متنوعة، واختتم كلمته بالتأكيد على أن الترجمة هي إعادة إنتاج للنص الأصلي، وليست مجرد انعكاس له.
وشهد اليوم الأول من الحفل عرض مقطع مرئي عن الشاعر العُماني الراحل زاهر الغافري، تضمن قصيدة من قصائده الشعرية مترجمة إلى سبع لغات، احتفاءً بإرثه الأدبي.
كما تضمن برنامج اليوم جلسة نقاشية بعنوان "تأثير المترجم" تناولت دور الترجمة الأدبية في تشكيل الأعراف الاجتماعية، والخطاب السياسي، وتعزيز الفهم بين الثقافات.
شارك في الجلسة كل من الدكتورة مارلين بوث، والدكتور لوك ليفغرن، والدكتور مبارك شريفي، وأدارتها منال الندابية.
وتحدّث المشاركون خلال الجلسة عن تجربتهم الشخصية في مجال الترجمة والصعوبات التي واجهوها، والطرق التي سلكوها لدخول هذا المجال.
تجدر الإشارة إلى أن جائزة "بيت الغشام دار عرب الدولية للترجمة" التي انطلقت في عام 2023، تشهد هذا العام نموًا ملموسًا في عدد المشاركات، حيث استقطبت 161 عملًا أدبيًا في فرع المؤلفين، مقارنة بـ127 مشاركة في الدورة السابقة، بزيادة نسبتها 27 بالمائة. فيما استقبل فرع المترجمين 37 عملًا مترجمًا، مقارنة بـ12 في الدورة الماضية، ما يمثل زيادة استثنائية بلغت 208 بالمائة.
وتكونت لجنة التحكيم لهذا العام من الروائي الدكتور يونس الأخزمي، والمترجمة العالمية الدكتورة مارلين بوث، إلى جانب المترجمة والمحررة مارسيا كيو لينكس والمترجم الدكتور مبارك سريفي.
وتنقسم جائزة "بيت الغشام دار عرب الدولية للترجمة" إلى فرعين رئيسين: فرع المترجمين، ويركز على الترجمات الإنجليزية غير المنشورة للأعمال الأدبية العربية التي صدرت خلال عام 1970وبعده، وفرع المؤلفين وهو مخصص للأعمال الأدبية النثرية والشعرية غير المنشورة (روايات، قصص قصيرة، سيرة ذاتية، شعر).
وضمت القائمة القصيرة في فرع المترجمين كلًا من: برنبي هاكس عن ترجمته رواية "موت منظم" لأحمد مجدي همّام إلى "Organized Death"، ودوحة مبروك عن ترجمتها المجموعة القصصية "أخبار الرازي" لأيمن الدبوسي إلى "Chronicles of Al-Razi"، وفرح أبو التمن عن ترجمتها المجموعة القصصية "معجم الأشياء" لنذير الزعبي إلى "Dictionary of Things"، ولوك ليفغرن عن ترجمته رواية "الباغ" لبشرى خلفان إلى "The Garden".
أما في فرع المؤلفين فضمت القائمة القصيرة المؤلفات "أوراق ميت تنبض بالحياة" لجمال بربري، و"نوريت" لعبد الرزاق كرار عثمان، و"قبل أن أنسى.. أنا شاعرة" لفليحة حسن، و"هاه هاه.. كح كح.. نجوت بأعجوبة" لمصطفى خالد مصطفى، و"خطوط العرض" لنصر محسن.
/العمانية/
عمر الخروصي