باريس في 4 أكتوبر /العُمانية/ يرى علماء أنّ الذكاء الاصطناعي يمكنه إحداث ثورة في الأبحاث والظهور في جوائز نوبل، حيث يمكنه - متمثلا ببرامج توليد الصور وروبوتات المحادثة - وضع الفنانين والكتّاب على المحك.
ففي العام 2021، أطلق العالم الياباني هيرواكي كيتانو ما سمّاه "نوبل تيرنينغ تشالنج"، الذي يتحدى الباحثين لإنشاء "عالِم قائم على الذكاء اصطناعي" قادر بنفسه على إجراء أبحاث تستحق جائزة نوبل بحلول عام 2050.
ويعمل بعض الباحثين بلا كلل لإنشاء مثل هؤلاء الزملاء عبر الذكاء الاصطناعي، وثمة نحو مائة "روبوت علمي" تعمل أصلا في مجال العلوم -وفق ما يوضحه روس دي كينغ، أستاذ متخصص في الذكاء الاصطناعي لدى جامعة تشالمرز السويدية -.
وفي العام 2009، نشر دي كينغ مقالة عرض فيها مع باحثين آخرين روبوتا علميا اسمه "آدم"، يشكل أول آلة تنتج اكتشافات علمية بشكل مستقل.
ونقلا عن "فرانس برس" يقول كينغ: "لقد صنعنا روبوتا اكتشف أفكارا علمية جديدة واختبرها وأكّد صحتها"، موضحا أنه تمّت برمجة الروبوت لوضع فرضيات بشكل مستقل، وتصميم تجارب لاختبارها، إضافة إلى برمجة روبوتات مخبرية أخرى لتنفيذ هذه التجارب والاستفادة من نتائجها.
وتم تكليف "آدم" باستكشاف العمل الداخلي للخميرة، وقد توصّل إلى "وظائف جينات" لم تكن معروفة في السابق.
فيما يشير معدّو المقالة إلى أنّ هذه الاكتشافات "متواضعة" .
وقد ابتُكر روبوت علمي ثانٍ أُطلق عليه "إيف"؛ لدراسة الأدوية المرشحة لعلاج الملاريا وأمراض المناطق الاستوائية الأخرى.
مع روبوتات مماثلة، "تكلف الأبحاث مبالغ أقل، كما أن هذه الآلات تعمل على مدى أربع وعشرين ساعة"، على ما يوضح روس دي كينغ، مضيفا أنها أكثر دقة في متابعة العمليات.
ويقر الباحث بأنّ الذكاء الاصطناعي لا يزال بعيدا عن مستوى العالم الذي يستحق جائزة نوبل، إذ يتطلّب ذلك روبوتات "أكثر ذكاء" قادرة على "فهم الوضع ككل" للتنافس ونيل جوائز نوبل.
من جانبها تقول الأستاذة في الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا إنغا سترومكي: "إنّ التقاليد العلمية لن تحل محلها الآلات قريبا".
وتضيف: "هذا لا يعني أن ذلك مستحيل"، مشيرة إلى أنّ من الواضح "بالتأكيد" أن الذكاء الاصطناعي كان وسيكون له تأثير على طريقة العمل في العلوم.
ومن الأمثلة الجيدة على ذلك "ألفافولد" الذي ابتكرته "ديب مايند" التابعة لغوغل، والذي يمكنه التنبؤ بالبنية ثلاثية الأبعاد للبروتينات بناء على حمضها الأميني.
وتقول سترومكي: "كنا نعلم أن هناك علاقة بين الأحماض الأمينية والشكل النهائي ثلاثي الأبعاد للبروتينات، وبإمكاننا استخدام التعلم الآلي للعثور عليها"، وتتابع: "إلا أنّ هذه الحسابات معقدة جدا للبشر، وأنجزت الآلة شيئا لم يستطع أي إنسان فعله".
وفي الوقت نفسه، سلط "ألفافولد" الضوء على ضعف نماذج الذكاء الاصطناعي الحالية مثل الشبكات العصبية، على قول سترومكي.
وتعد هذه النماذج جيدة جدا في معالجة كميات هائلة من المعلومات والتوصل إلى إجابة، لكنّها غير قادرة على شرح سبب صحة الإجابات.
ورغم أنّ البنيات البروتينية التي تنبأت بها "ألفافولد" وتتخطى مئتي مليون "مفيدة جدا"، فلا توفر أي جديد لعلم الأحياء الدقيقة، بحسب سترومكي.
وترى الباحثة أنّ العلم يسعى إلى فهم الكون ولا يقتصر دوره على "الفرضيات الصحيحة".
وقد دفعت الأبحاث الرائدة التي أنجزتها "ألفافولد" الخبراء إلى جعل مصمميها بين المرشحين المحتملين لجائزة نوبل.
وقد حصل مدير "ديب مايند" جون إم جامبر والرئيس التنفيذي والمشارك في تأسيس الشركة ديميس هاسابيس، على جائزة "لاسكر" المرموقة عام 2023.
ويظهر اسمهما في الأجهزة اللوحية الخاصة بشركة "كلاريفيت" للتحليل والتي تتوقع أسماء الفائزين بجوائز نوبل العلمية استنادا إلى تصاريح في المقالات البحثية.
وقد تم التطرّق إلى مقالة جامبر وهاسابيس المنشورة في العام 2021 آلاف المرات، لكن سيكون من الاستثنائي أن تكافئ لجنة جوائز نوبل العمل بهذه السرعة بعد نشره، وفق رئيس "كلاريفيت" ديفيد بندلبيري. وعادة ما تكافئ جوائز نوبل الاكتشافات التي يعود تاريخها إلى عدة عقود .
لكن بندلبيري يرى أن الأبحاث المدعومة بالذكاء الاصطناعي سيكون لها قريبا مكانة بارزة في الأعمال الحائزة جوائز نوبل.
/العُمانية/
خميس الصلتي