جبل "نيمبا" في غينيا ملاذ آمن للعديد من الحيوانات المهددة بالانقراض.. النشرة الدولية
كوناكري في 22 أكتوبر /العُمانية / يمثل جبل "نيمبا" الواقع في غرب وشمال غينيا أعلى نقطة في هذا البلد الغرب إفريقي، حيث يزيد ارتفاعه على 1750 مترًا ويطل على مناطق السافانا المحيطة به على تخوم الحدود الشرقية لساحل العاج المجاورة. ويغطي الموقع مساحة إجمالية تزيد على 17 ألف هكتار أكثر من ثلثيها موجود في غينيا.
ويتميز هذا الجبل بثروة بيئية متنوعة يغذّيها غطاء من الغابات الكثيفة المصنفة "غابات غينية عالية الارتفاع" من طرف الصندوق العالمي للطبيعة؛ وتتضمن هذه الثروة مراعي جبلية عشبية لطالما شدت انتباه علماء الطبيعة فأنجزوا دراسات مهمة حول النباتات والحياة البرية في الموقع نفسه.
وقد تم تصنيف المحمية الطبيعية الشاملة لجبل "نيمبا" منذ 1981 كمحمية محيط حيوي وموقع للتراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو).
ومع أن هيئات حماية الطبيعة العالمية أعربت في ثمانينات القرن الماضي عن مخاوفها من تهديد استغلال مناجم الحديد لهذا الفضاء المحمي، إلا أن سلطات البلد أكدت في نهاية المطاف أن مناطق الاستغلال لا تشمل أي جزء من المحمية. لكن، وتحسبا لكل الاحتمالات، فقد تم في 1992 تسجيل جبل "نيمبا" على قائمة التراث العالمي المهدّد بسبب النشاط المعدني وموجات النازحين.
وتوجد على المنحدرات الخضراء الواقعة عند سفح مراعي النباتات ذات الساق المجوف مجموعة حيوانات ونباتات شديدة التنوع والثراء من بينها أنواع متوطنة على رأسها الضفدع الذي يولد أبناؤه من دون قشرة ولا صدفة.
ويقول اختصاصي الوراثة والعالم والبيولوجي الفرنسي /ماكسيم لاموت/ إنه عثر على هذا الضفدع الفريد أثناء رحلته الاستكشافية إلى "جبل نيمبا" في 1942 وهو منعزل في منطقة خضراء صغيرة على ارتفاع كبير.
وقد أعطى هذا الاكتشاف إشارة الانطلاق لاهتمام واسع بهذا الجبل الذي توافدت عليه بعثات الجغرافيين وعلماء الحيوان والنبات.
ومن بين الأنواع المتوطنة المذكورة أيضا قرد الشمبانزي الذي يستخدم الحجارة كأدوات. ويعتبر هذا التنوع النباتي والحيواني فريدا من نوعه ليس فقط في إفريقيا الغربية وحدها وإنما أيضا على مستوى القارة السمراء بأكملها.
وفي هذا السياق، يأوي الموقع أجناسا مهدّدة بالانقراض مثل الضفدع والشمبانزي المذكورين آنفا، بالإضافة إلى حيوان "ميكروبوتاموغال جبل نيمبا". كما تمثل المنطقة خزان مياه عذبة حقيقيا من خلال احتضانها لما يزيد على خمسين مصدر ماء موزعة ما بين غينيا وساحل العاج.
وعلى الصعيد البيئي، يمنح "جبل نيمبا" – وهو جزء من السلاسل الجبلية الحقيقية النادرة في إفريقيا الغربية – بانوراما متموجة من السهول الغابوية منخفضة الارتفاع، ما يوفر ملاذا منعزلا مغطى بالغابات الجبلية التي تمثل موقعا استثنائيا ضمن تضاريس خليج غينيا. وتضفي عليه خصائصه الجيومورفولوجية ومناخه شبه الاستوائي الجبلي الذي يتسم بتبايناته الموسمية والارتفاعية الحادة تنوعا ثريا من المناخ المحلي.
ويقول الخبراء إن هذا التنوع أسهم كثيرا في التشكل الفريد للغطاء النباتي والثروة الحيوانية المثيرَينِ وللنظام البيئي الحيوي ذي التعدد الاستثنائي. كما يمثل الموقع الجغرافي والمناخي لجبل نيمبا واحدا من المواقع الوحيدة في خليج غينيا المعروفة باحتضانها عددًا كبيرًا من المخلوقات المُتَوَطنَة، سواء منها النباتية أو الحيوانية.
وتشير الإحصائيات المتوفرة إلى أن الموقع يأوي أكثر من 300 نوع من الفقاريات بما فيها أكثر من مائة ثديية من جهة وعددا يفوق 2500 نوع من اللافقاريات، مع نسبة توطين قوية. فالضفدع الذي يولد أبناؤه من دون قشرة ولا صدفة – وهو مهدد بالانقراض بسبب صغر المنطقة التي ينتشر فيها – لا يعيش أبدا إلا في مسكنه الواقع في أعالي الجبال. وتنطبق الحالة ذاتها على حيوان "ميكروبوتاموغال جبل نيمبا"، وهو آكل حشرات شبه مائي صغير، مهدد بالانقراض هو الآخر، ناهيك عن عدة أنواع من الرئيسات من بينها قردة الشمبانزي.
وبحسب الإحصاءات ذاتها، فإن هذه المحمية تتضمن غابة كثيفة على ارتفاع 1000 متر تعلوها غابة جبلية غنية بالنباتات الهوائية، فضلا عن قمم قد تمتد على طول 15 كيلومترا. وقد سجل فيها علماء الطبيعة حتى الآن أكثر من 2000 نوع من النباتات الوعائية بعضها متوطن والبعض الآخر شبه متوطن.
وينبع أكبر التهديدات القائمة حاليا على "جبل نيمبا" من النمو الديموغرافي الذي يعرفه سكان المناطق المحاذية للموقع، سواء تعلق الأمر بقطع الأشجار بغية تحرير مساحات رعوية وزراعية وتوفير الحطب أو بنشاطات صيد الحيوانات المنتشر.
/العمانية /
س ع