عواصم في 14 أبريل /العُمانية/ بعد انقضاء أكثر من ستة أشهر منذ بدء الحرب التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، لا تزال تداعيات هذه الحرب تلقي بظلالها على مقالات الرأي في مختلف الصحف.
وفي هذا الصدد، تابعت وكالة الأنباء العُمانية بعضًا من الآراء التي أوردتها الصحف العالمية عبر مقالات نشرت في صفحاتها وسلطت الضوء على الإبادة الجماعية في غزة، وأجندة نتنياهو بشأن رفح، وضرورة وقف إسرائيل قتل المدنيين في فلسطين بالإضافة إلى الإبادة الجماعية – الأوبئة غير المرئية.
فصحيفة "نيو ستريتز تايمز" الماليزية نشرت مقالًا بعنوان: "الإبادة الجماعية في غزة تُظهر ضرورة الدعم العالمي لفلسطين" بقلم الكاتب حسين أمير، بيّن خلاله أن إحياء يوم القدس العالمي هذا العام يتم في ظل ظروف نشهد فيها إحدى أكبر حالات القتل والإبادة الجماعية في التاريخ.
وأعرب الكاتب في بداية مقاله عن أسفه تجاه الكارثة الإنسانية العميقة التي وقعت خلال الأشهر الستة الماضية في فلسطين، وخاصة في غزة، والتي تظهر جانبًا آخر مؤلمًا ومؤسفًا من الانتهاك التاريخي لحقوق الفلسطينيين المضطهدين ولكن الصامدين في الأراضي المحتلة، في انتهاك واضح وصريح للقانون الدولي.
وأكد أن هذا أيضًا مظهر من مظاهر فرض القوة والإكراه بصورة علنية، فضلاً عن العديد من جرائم القتل والجرائم المعروفة دوليًّا ضد السكان الأصليين بفلسطين من قبل النظام الإسرائيلي الذي وصفه بغير الشرعي وغير الدائم.
وأشار الكاتب إلى أن في هذه الأيام لا يتم ذبح النساء والرجال الفلسطينيين فحسب، بل وكذلك الأطفال الأبرياء والمشردون على يد المجرمين الإسرائيليين، مبينًا أن المستشفيات والمراكز الطبية والإغاثية والمساجد والكنائس لم تسلم أيضًا من شر قوات الاحتلال الإسرائيلي.
ويرى أن أعمال الصهاينة يمكن وصفها - بلا أدنى شك - انتهاكًا لأبرز أساسيات حقوق الإنسان ومظهرا واضحا للجرائم مجتمعة ضد الإنسانية والإبادة الجماعية والفصل العنصري والتطهير العرقي.
ولفت الكاتب إلى استمرار الإبادة الجماعية وارتكاب مختلف أنواع جرائم الحرب في قطاع غزة، والقتل الجماعي لأكثر من 33 ألف فلسطيني، أغلبهم من النساء والأطفال، خلال ستة أشهر فقط، إلى جانب المنع المتكرر من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي لعمليات تسليم المساعدات الإنسانية والغذاء والدواء لقطاع غزة بأكمله.
ونبّه الكاتب إلى أن استخدام نظام التجويع كسلاح ضد سكان غزة بهدف قتل النساء والأطفال وتهجيرهم قسراً، قد دق ناقوس الخطر بوقوع الكارثة الإنسانية غير المسبوقة في القرن الحالي.
وقال إنه أصبح من الواضح الآن للجميع أن أحد الأهداف الخطيرة للنظام الإسرائيلي في فرض حصار كامل على قطاع غزة ومنع إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة والكافية لسكانه هو إيجاد الظروف الملائمة للانهيار الاجتماعي والمدني للقطاع والقضاء على كل معالم الحياة والهوية التاريخية والحضارية لفلسطين.
ومن وجهة نظر الكاتب؛ فإن الجهود الرامية إلى تهجير سكان غزة قسراً تشكل دليلاً آخر على السياسة الخبيثة التي ينتهجها النظام الصهيوني القاتل لتدمير الأمة الفلسطينية وهويتها عمداً.
ويرى أنه من الواجب الآن - أكثر من أي وقت - أن يتم تقديم الأدلة للمجتمع الدولي ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، والتي تثبت استمرار الإبادة الجماعية والقتل الجماعي في غزة من قبل الكيان الصهيوني.
وتحدث في ختام مقاله عن يوم القدس العالمي، والذي يعد مبادرة للاهتمام المسؤول من قبل العالم بالقضية الفلسطينية، وتوفر فرصة كبيرة لتعزيز التضامن الموحد والعالمي مع الشعب الفلسطيني المظلوم.
من جانبها، نشرت صحيفة "ديلي صباح التركية" مقالًا بعنوان: "تستمر أجندة نتنياهو بشأن رفح وسط جهود بايدن الفاترة" بقلم الكاتب: عمران خالد"، بيّن من خلاله أن تكتيكات رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو تصور المسؤولين الأمريكيين على أنهم ضعفاء وغير فعالين، ما يمكنه من إخضاع السياسة الأمريكية لإرادته.
واستهل مقاله بالإشارة إلى أن النقاد يرون أن تصرفات الرئيس الأمريكي جو بايدن لا ترقى إلى مستوى خطابه، حيث يواصل تسليح إسرائيل بينما يصدر تحذيرات فاترة.
وأوضح الكاتب أن البيت الأبيض - في الواقع - ظل يستشهد باستمرار بحتمية الدفاع عن حق إسرائيل في الدفاع عن النفس كمبرر للدعم العسكري المستمر في كل مؤتمر صحفي وهذا يعكس الحسابات المعقدة داخل إدارة بايدن.
ويرى الكاتب أن العلاقة التكافلية بين الولايات المتحدة وإسرائيل تحمل دلائل واضحة على أن البيت الأبيض يمتلك نفوذاً على إسرائيل، اقتصاديّاً وسياسيّاً، لكنه يكف عن استخدام هذا النفوذ.
ومن الواضح أن النهج الذي تتبناه الإدارة ينطوي على توازن دقيق بين الدعم والتحذير. ويكمن التحدي في قدرة الإدارة على تأكيد نفوذها بشكل حاسم، وتجاوز الخط الرفيع بين دعم أمن إسرائيل والمساءلة عن أفعالها.
وأشار إلى أن إدارة بايدن لا تريد أي إجراء "أحادي الجانب"، وبدلاً من ذلك تسعى إلى تشكيل تحالف من الحلفاء الأوروبيين لمحاسبة إسرائيل من خلال بعض العقوبات.
وقال الكاتب إن الحوار الافتراضي الأخير بين المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين بشأن التوغل المحتمل في رفح يعكس أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سوف يلعب بورقة رفح دون ضبط النفس.
ويعتقد أنه على الرغم من أن واشنطن التي تعرب عن مخاوفها بشأن تداعيات مثل هذه الخطوة، منخرطة في تبادل دبلوماسي يهدف ظاهرًا إلى التأثير على عملية صنع القرار الإسرائيلي، إلا أن هناك كل الأسباب للاعتقاد بأن الأمريكيين يدركون أيضًا حقيقة أنه من غير المرجح أن يضع نتنياهو ينهار خطته الهمجية لغزو رفح.
وبيّن الكاتب أن مصير رفح يجسد النضال الأوسع من أجل الاستقرار والأمن والعدالة في المشهد المضطرب للعلاقات الدولية.
وقال إن محنة رفح تلخص التقاطع بين الجغرافيا السياسية والمعاناة الإنسانية، ما يؤكد ضرورة وجود قيادة مبدئية وعمل إنساني حقيقي وسط اضطرابات الصراع.
كما نشرت صحيفة "جابان تايمز" اليابانية مقالًا في افتتاحيتها بعنوان: "على إسرائيل أن تتوقف عن قتل المدنيين فوراً" أكدت خلاله أن المدنيين الفلسطينيين قد تحملوا وطأة الألم، ما أدى إلى تحول الرأي العام الدولي ضد الدولة اليهودية.
وقالت الصحيفة إن على إسرائيل أن تستيقظ على المعاناة التي تلحقها بالأبرياء والضرر حيث قام الجيش الإسرائيلي بتدمير غزة، ما أسفر عن مقتل أكثر من 32 ألف فلسطيني، أغلبهم من النساء والأطفال.
وأوضحت أن الهجوم قد أدى عمليّاً إلى تسوية المنطقة بالأرض، ما أدى إلى كارثة إنسانية مع انهيار النظم الاجتماعية. وقد شرد الصراع حوالي ثلثي سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
ولفتت إلى أن التقارير تفيد بأن عشرات الأطفال يموتون بسبب سوء التغذية والمجاعة، وأن الوضع العام لا يمكن إنكاره فقد فرضت مصاعب غير عادية على السكان المدنيين في غزة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحرب الإسرائيلية على غزة أدت إلى تكلفة باهظة بين عمال الإغاثة الذين حاولوا تخفيف هذا الألم. وقدرت الأمم المتحدة أن نحو 200 من العاملين في مجال الإغاثة الإنسانية - معظمهم من الفلسطينيين - قُتلوا خلال الحرب، وهو رقم يعادل ثلاثة أضعاف عدد القتلى في أي صراع خلال عام واحد.
وذكرت أن في مأساة حديثة تصدرت عناوين الأخبار العالمية، ووصفها البعض بالفضيع، قتلت القوات الإسرائيلية سبعة عمال من المطبخ المركزي العالمي (WCK)، وهي منظمة أنشأها الشيف خوسيه أندريس في عام 2010 بعد زلزال هايتي والتي تقدم الإغاثة والمساعدة للمجتمعات المحتاجة في جميع أنحاء العالم.
وبدأت المنظمة في الشهر الماضي تقديم المساعدات لسكان غزة؛ وأثناء قيامها بذلك، قامت بالتنسيق مع الحكومة الإسرائيلية والجيش وكذلك الحكومات العربية لضمان نجاح تلك الجهود وسلامة عمالها.
وفي الأيام القليلة الماضية، تعرضت قافلة مكونة من ثلاث سيارات تقل عمال شركة WKC للقصف بالصواريخ الإسرائيلية، ما أدى إلى مقتل السبعة.
وقال أندريس: إن قوات الدفاع الإسرائيلية كانت على علم بمكان القافلة والغرض منها وركاب المركبات. واتهم الجيش باستهدافهم عمداً.
وترى الصحيفة أنه لا ينبغي لإسرائيل أن تحتاج إلى ضغوط أمريكية لمعرفة ما يجب عليها فعله في هذه الحالة أو كيفية إدارة الحرب.
وأكدت على أن الهجمات العشوائية لا يمكن الدفاع عنها أخلاقياً، كما أنها تشكل انتهاكاً لقوانين الحرب.
من جانب آخر، نشرت صحيفة "إكسبرس تريبيون" الباكستانية مقالًا بعنوان: "الإبادة الجماعية: الأوبئة غير المرئية" بقلم الكاتب محمد وقار.
وقال الكاتب في بداية مقاله إنه بينما نتصارع مع الصور المروعة القادمة من الشرق الأوسط، من المهم أن نلقي نظرة إلى الوراء في سجلات التاريخ لنرى كيف كان اضطهاد الأقليات على مستوى العالم قضية حقوق إنسان مستمرة لسنوات عديدة.
وأشار إلى أن خلال العقود القليلة الماضية، برزت أعمال الإبادة الجماعية في الصراعات السياسية حول العالم، حيث كانت بمثابة أداة لتحقيق السلطة والسيطرة على منطقة ما أو مجموعة معينة من الناس، لافتا إلى أن منطقة جنوب آسيا تعد مثالًا حتميًا على الأماكن التي تتكرر فيها الإبادة الجماعية بسبب الأيديولوجيات السياسية والاستقطابية، والتي كانت متأصلة في المنطقة لسنوات عديدة.
وأوضح الكاتب أن رافائيل ليمكين - وهو محام وأستاذ جامعي بولندي - قام بنشر فكرة الإبادة الجماعية في كتابه الصادر عام 1944 بعنوان "حكم المحور في أوروبا المحتلة".
وصنّف الإبادة الجماعية إلى أربع فئات: جسدية، وبيولوجية، ونفسية، وثقافية. كما وصف ليمكين "أساليب الإبادة الجماعية" المصممة لكسر علاقات المجموعة المستهدفة مع أعضائها وثقافتهم وتاريخهم ومستقبلهم.
وتشمل هذه الاستراتيجيات تدمير النظم الاجتماعية والسياسية للمجتمع، وسرقة أمواله وموارده، وفرض قوانين وأنظمة صارمة، ونشر الدعاية على نطاق واسع ووضع المجموعة المستهدفة في الخارج لجعل العنف يبدو مشروعًا.
وأكد الكاتب على أن العديد من هذه الأساليب لا تزال قيد الاستخدام اليوم، على الرغم من التعديلات على مر الزمن؛ فلا تزال الإبادة الجماعية الجسدية سلاحًا رئيسًا للحكومات الاستبدادية في جميع أنحاء العالم، حيث يتم ذبح مجتمعات الأقليات عمدًا.
ولا تزال الإبادة الجماعية البيولوجية تُستخدم عن طريق نشر المرض عمدًا أو التلاعب بإمدادات الغذاء والماء، ولا تزال الإبادة الجماعية النفسية تُستخدم للسيطرة على الناس من خلال التأثير على الرأي العام واستخدام أساليب التخويف.
كما يستمر استخدام الإبادة الجماعية الثقافية على نطاق واسع، حيث تحاول الحكومات القمعية القضاء على لغة السكان والجوانب الثقافية التقليدية للحفاظ على السلطة.
ويرى الكاتب أن دراسة /ليمكين/ تعد ضرورية لفهم عواقب الإبادة الجماعية، والتي تشمل القضاء على الرموز الثقافية والطقوس والسلوكيات التي تطمس تاريخ وهوية المجموعة.
وأوضح الكاتب أن الصراع المستمر بين إسرائيل وفلسطين - بعيداً عما يحدث في غزة – كان يشكّل مصدراً رئيسًا للقلق في الشرق الأوسط، وتقوم الحكومة الإسرائيلية بارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني.
ولفت إلى أن إسرائيل قد انتهكت باستمرار حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني واستخدمت القوة غير المتناسبة ضد المتظاهرين الفلسطينيين، ما أدى إلى زيادة تدمير المنازل والممتلكات الفلسطينية على يد القوات الإسرائيلية، وبالتالي تهجير الآلاف.
/العُمانية/
أحمد صوبان