الأخبار

قضايا وآراء في الصحافة العالمية
قضايا وآراء في الصحافة العالمية

عواصم في 19 مايو /العُمانية/ تابعت وكالة الأنباء العُمانية بعضًا من الآراء حول قضايا مختلفة أوردتها الصحف العالمية عبر مقالات نشرت في صفحاتها وتتعلق بعسكرة الجغرافيا السياسية، وتأثيرات الذكاء الاصطناعي على الصحفيين بالإضافة لدور البنوك المركزية في عالم غير نقدي.

فصحيفة "ميل آند جارديان" الجنوب أفريقية نشرت مقالًا بعنوان: "عسكرة الجغرافيا السياسية: اتجاهات جديدة في الإنفاق الدفاعي العالمي" بقلم الكاتب "عمران خالد" وهو طبيب وحاصل على درجة الماجستير في العلاقات الدولية.

واستهل مقاله بالإشارة إلى أن الإنفاق الدفاعي العالمي قد ارتفع إلى مستوى غير مسبوق بلغ 2.443 تريليون دولار في العام الماضي، أي بزيادة كبيرة قدرها 6.8% عن العام السابق، وفقًا لأحدث تقرير لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام والذي نُشر في نهاية شهر أبريل الماضي.

ويعتقد الكاتب أن هذا الأمر يعكس عالماً يتسم على نحو متزايد بالتوترات الجيوسياسية والشكوك الأمنية. ولا تصور هذه الزيادة، وهي الأكثر وضوحًا منذ عام 2009، زيادة كمية في الاستثمار العسكري فحسب، بل أيضًا تحولات جيوسياسية أعمق وإعادة معايرة استراتيجية بين الدول.

وذكر أن هذه الزيادة في الإنفاق العسكري تمتد عبر جميع المناطق الجغرافية، مما يرسم صورةً مثيرةً للقلق لديناميات الأمن العالمي.

ووضح أنه للمرة الأولى منذ أكثر من عقد من الزمن، ارتفع الإنفاق العسكري في جميع المناطق الخمس التي حدّدها معهد ستوكهولم، مع ملاحظة ارتفاعات كبيرة في أوروبا وآسيا وأوقيانوسيا والشرق الأوسط.

وفي قلب هذا الاتجاه هناك سلوك القوى الكبرى، التي تبلغ قيمتها 1.321 تريليون دولار، أي الولايات المتحدة والصين وروسيا، والتي يشكل إنفاقها العسكري مجتمعة جزءاً كبيراً ــ 54% ــ من الإجمالي العالمي.

ونوه إلى أنه رغم الديناميكيات الإقليمية والمخاوف الأمنية المتباينة، فقد أعطت هذه الدول الأولوية لتعزيز قدراتها العسكرية، مما يشير إلى التزام استراتيجي بالحزم والردع.

ويرى الكاتب أن هذا الارتفاع في الاستثمار العسكري يركز على استمرار قرع طبول التوتر العالمي.

وبيّن الكاتب أن الإنفاق العسكري في الشرق الأوسط قد ارتفع بنسبة 9% إلى نحو 200 مليار دولار، مما عزز مكانتها باعتبارها المنطقة التي تتمتع بأعلى نسبة من الناتج المحلي الإجمالي مخصصة للدفاع على مستوى العالم، حيث تبلغ 4.2%. تليها أوروبا بنسبة 2.8%، ثم أفريقيا بنسبة 1.9%، وآسيا وأوقيانوسيا بنسبة 1.7%. وسجلت الأمريكيتان أدنى نسبة، حيث بلغ الإنفاق العسكري 1.2% من الناتج المحلي الإجمالي.

وأشار إلى أن الصراعات المستمرة والتوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط كانت سبباً في زيادة كبيرة في الإنفاق العسكري.

ومن وجهة نظر الكاتب- على الرغم من هذه الاختلافات الإقليمية، فإن الاتجاه الشامل المتمثل في تصاعد الإنفاق العسكري يركز على الحاجة الملحة إلى قيام زعماء العالم بإعطاء الأولوية للحلول الدبلوماسية وآليات حل الصراعات.

وأكد على أن الفشل في القيام بذلك يهدد بتفاقم التوترات وإذكاء سباق التسلح الخطير، مع ما يترتب على ذلك من عواقب بعيدة المدى على السلام والأمن العالميين.

من جانبها، ترى الكاتبة "آن باسكال ريبول" أن صعود الذكاء الاصطناعي بلا هوادة يمنح الصحفيين خيارات صعبة.

ووضحت في مقالها المنشور عبر صحيفة "نيوستريت تايمز" الماليزية أن ظهور الذكاء الاصطناعي قد أجبر عددًا متزايدًا من الصحفيين على مواجهة التحديات الأخلاقية والتحريرية التي تفرضها التكنولوجيا سريعة التوسع.

وأشارت إلى أن دور الذكاء الاصطناعي في مساعدة غرف الأخبار أو تحويلها كان من بين الأسئلة التي أثيرت في مهرجان الصحافة الدولي في مدينة بيروجيا الإيطالية الذي أقيم في شهر أبريل الماضي.

وذكرت الكاتبة أن أدوات الذكاء الاصطناعي التي تحاكي الذكاء البشري تُستخدم على نطاق واسع في غرف الأخبار حول العالم لنسخ الملفات الصوتية وتلخيص النصوص وترجمتها.

وفي أوائل عام 2023، أعلنت مجموعة أكسل سبرينغر الألمانية أنها ستلغي الوظائف في صحيفتي بيلد ودي فيلت، قائلة إن الذكاء الاصطناعي يمكن الآن أن يحل محل بعض صحفييها.

وتعتقد الكاتبة بأن الذكاء الاصطناعي التوليدي، القادر على إنتاج النصوص والصور بناءً على طلب بسيط باللغة اليومية، يفتح آفاقًا جديدة ويثير المخاوف.

ولفتت إلى أن إحدى المشكلات هي أنه يمكن استنساخ الأصوات والوجوه لإنتاج بودكاست أو تقديم الأخبار على شاشة التلفزيون.

ونوهت إلى أن العاملين في مجال الإعلام يتفقون على أن تجارتهم يجب أن تركز الآن على المهام التي توفر أكبر "قيمة مضافة".

وقال شايليش براكاش، المدير العام لأخبار جوجل، في المهرجان الذي أقيم في بيروجيا: "أنتم من يقوم بالأشياء الحقيقية" و"الأدوات التي ننتجها ستكون بمثابة مساعد لكم".

ولكن العديد من المؤسسات الإعلامية لا تصنع نماذج لغوية خاصة بها، والتي تعد جوهر واجهات الذكاء الاصطناعي، كما تقول ناتالي هيلبرجر الأستاذة في جامعة أمستردام.

وقالت الكاتبة إنه وفقًا لأحد التقديرات التي نشرتها مجلة "أيفير بكسل جورنال" العام الماضي، تمكن الذكاء الاصطناعي من إنشاء عدد من الصور في عام واحد يعادل عدد الصور الفوتوغرافية في 150 عامًا.

وقد أثار ذلك تساؤلات جدية حول كيفية انتشال الأخبار من موجة المحتوى العارمة، بما في ذلك المحتوى المزيف العميق.

وأكدت الكاتبة على أن المؤسسات الإعلامية والتقنية تتعاون لمواجهة هذا التهديد، ولا سيما من خلال التحالف من أجل مصدر المحتوى والأصالة، الذي يسعى إلى وضع معايير مشتركة.

واقتبست حديث صوفي هويت، التي تم تعيينها أخيرا لتصبح مديرة الأخبار العالمية للابتكار التحريري والذكاء الاصطناعي في وكالة فرانس برس، والتي قالت: "إن جوهر عملنا هو جمع الأخبار والتقارير الميدانية".

وأضافت: "سنعتمد لبعض الوقت على المراسلين البشريين"، على الرغم من أن ذلك قد يكون بمساعدة الذكاء الاصطناعي.

من جانب آخر، نشرت مؤسسة "بروجيكت سينديكت" مقالًا بعنوان: "البنوك المركزية في عالم غير نقدي" بقلم كل من "ماريانا مازوكاتو" وهي المديرة المؤسسة لمعهد "يو سي ال" للابتكار، و "ديفيد إيفز" وهو أستاذ مشارك للحكومة الرقمية في ذات المعهد.

ووضح الكاتبان في بداية المقال أنه لطالما كان للاقتصاد علاقة غريبة ومثيرة للجدل مع المال. لفترة طويلة، كان الاقتصاديون ــ بما في ذلك الحائزون على جائزة نوبل مثل "ميرتون ميلر" و "فرانكو موديجلياني" ــ ينظرون إلى المال باعتباره مجرد وسيلة للتبادل.

ولكن من خلال البناء على عمل "جون ماينارد كينز" و "هيمان مينسكي"، انتقل الاقتصاديون منذ ذلك الحين إلى ما هو أبعد من التركيز الضيق على كمية المال للنظر في تأثيرها البنيوي على الاقتصاد الحقيقي والنظام المالي.

ويرى الكاتبان أن الفهم الهيكلي للمال والتمويل يصبح أكثر أهمية في عالم رقمي وغير نقدي على نحو متزايد، لأن هناك حاجة متزايدة لأن يعمل صناع السياسات ليس فقط كمثبتين للسوق، بل كمصممين استباقيين له.

وأكدا على أن العالم غير النقدي لا يغير علاقة الناس بالمال ويوجد فرصًا جديدة لكيفية إدارته أو حتى تصوره فحسب؛ بل أنه يفرض ضغوطا جديدة على البنوك المركزية لحملها على إعادة تصوّر دورها وتصبح أكثر إبداعًا.

وبينا أنه في حين تم تكريس الكثير من الاهتمام للتجارب مع العملات الرقمية للبنوك المركزية، فإن التدخل الأكثر أهمية هو إنشاء وتشكيل بنية أساسية رقمية جديدة حول أنظمة الدفع القابلة للتشغيل البيني.

وأضافا أنه نظراً للعنصر الهيكلي لرأس المال، فإن هذا من الممكن أن يؤدي إلى زيادة المنافسة المصرفية، والشمول، وسهولة الوصول، وربما يقدم أدوات جديدة لإدارة الاقتصادات في مواجهة الأزمات.

وأشار الكاتبان إلى أن المعاملات غير النقدية تنمو بشكل أسرع من أي وقت مضى مع انخفاض الاعتماد على النقد المادي. ومن الواضح أن المستهلكين والشركات والحكومات يفضلون فعالية التكنولوجيا غير النقدية من حيث التكلفة وسهولة استخدامها.

ولفتا إلى أن أنظمة الدفع القائمة على النقر، والتي كانت ذات يوم مقتصرة على عالم سكان المناطق الحضرية البارعين في استخدام التكنولوجيا، أصبحت الآن تنتشر حتى في أكثر الاقتصادات بدائية.

وتظهر أنظمة الدفع القابلة للتشغيل البيني بسرعة باعتبارها البنية التحتية الاقتصادية الأساسية لاقتصاد العصر الرقمي، مما يمثل خروجا عن النقد المادي الذي أصدرته الحكومات على مدى السنين الماضية.

ومن وجهة نظر الكاتبين فإن -كما هو الحال مع كل أنواع التغير التكنولوجي- هذا التغيير ليس محايدًا. فهو يتمتع بزخم خاص به، وإذا لم يوجهه صناع السياسات لتحقيق الصالح العام، فقد يؤدي ذلك إلى أشكال أعمق من الإقصاء وغير ذلك من المشاكل البنيوية في مختلف قطاعات الاقتصاد.

وعلى سبيل المثال، أنظمة الدفع الرقمية في العديد من البلدان غير قابلة للتشغيل البيني، مما يعني أن المالكين قادرين على تحديد من يمكنه الوصول وبالتالي استخلاص الإيجارات غير المستحقة. ثم يتم دفع أولئك الذين يعيشون على الهامش بالفعل إلى خارج العالم غير النقدي، أو ما هو أسوأ من ذلك، خارج الاقتصاد الرسمي تماما.

ويعتقد الكاتبان بأنه في هذه الأحوال تستطيع البنوك المركزية أن تخدم باعتبارها أكثر من مجرد جهة تنظيمية، من خلال التأثير على البنية الأساسية المشتركة أو حتى إنشائها.

فهي لا يمكنها خفض تكاليف المعاملات الرقمية فحسب، بل أيضا إيجاد فرص جديدة لتحسين الكفاءة والشمول المالي لأولئك الذين يعيشون على هامش الاقتصاد الرسمي.

وذكر الكاتبان بعض الأمثلة الناجحة في هذا السياق، مثل ما فعلته الهند مع "يو بي آي"، وهي بنية أساسية للمدفوعات الرقمية قابلة للتشغيل البيني والتي تم تشكيلها بقوة من قبل البنك المركزي.

وهذا أيضاً ما فعلته البرازيل من خلال نظام "بيكس"، وهو خدمة دفع فوري قابلة للتشغيل البيني وتسمح للأفراد والشركات بإرسال واستقبال الأموال في أي وقت من اليوم، عادة بالمجان أو بتكلفة منخفضة للغاية.

وأكد الكاتبان في ختام المقال على أن هذا الدور الذي تقوم به البنوك المركزية يتحدى وجهة النظر التقليدية التي تزعم أنها تعمل على إصلاح السوق وتعتمد على التنظيم، وينبغي لها أن تركز فقط على ضمان الاستقرار المالي، وبالتالي ترك مسائل العدالة والقدرة على الوصول والإدماج للقطاع الخاص.

/العُمانية/

أحمد صوبان