عواصم في 6 أكتوبر /العُمانية/ تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي حربها الشعواء على قطاع غزة، حيث تدخل هذه الحرب عامها الثاني هذا الأسبوع، مخلفة وراءها أكثر من 41 ألف شهيد وأكثر من 96 ألف جريح، آخرهم الشهداء الثمانية الذي سقطوا في قصف لجيش الاحتلال على مخيم النصيرات ودير البلح في قطاع غزة.
إن جرائم الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية ليست محصورة على قطاع غزة فقط، حيث وصل عدد الشهداء الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر الماضي إلى 741 شهيدا.
وخلال الفترة الماضية، سعت دولة الاحتلال لتوسيع دائرة الحرب من خلال اجتياحها للأراضي اللبنانية، وقيامها بعمليات الاغتيال السياسي لعدد من الشخصيات الفلسطينية واللبنانية، الأمر الذي يجعل المنطقة تعيش على صفيح ساخن.
وفي هذا السياق، تابعت وكالة الأنباء العُمانية بعضًا من الآراء التي خطّتها أقلام عدد من الكتّاب في مختلف الصحف العالمية، حيث ركزوا على الطريق إلى خفض التصعيد في الشرق الأوسط، والفشل الذريع للسياسة والدبلوماسية الدولية في الشرق الأوسط، ومساعي إسرائيل لفرض تحول جيوسياسي في المنطقة بالإضافة إلى أبعاد الرد الإيراني على إسرائيل.
فموقع المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية نشر مقالًا بعنوان: "حروب إسرائيل التي لا يمكن كسبها: الطريق إلى خفض التصعيد في الشرق الأوسط" بقلم كل من "جوليان بارنيس" وهو مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس، و "هيو لوفات" وهو زميل سياسي بارز في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس.
استهل الكاتبان مقالهما بالإشارة إلى أنه بعد مرور ما يقرب من عام على الحرب المستعرة في غزة، يتسع الصراع في الشرق الأوسط بسرعة، وتستمر الجهود الدبلوماسية الغربية في الفشل.
وبينا أنه خلال الأسبوع الماضي، شنت إسرائيل حملة غير مسبوقة من الضربات في مختلف أنحاء لبنان، موجهة سلسلة من الضربات العسكرية القوية لجماعة حزب الله.
ويرى الكاتبان أنه رغم هذه الانتصارات التكتيكية، لا تزال إسرائيل تفتقر إلى استراتيجية لإنهاء هجمات حزب الله على الشمال، والتي تقول الجماعة إنها رد مباشر على الحرب الإسرائيلية المستمرة في غزة.
وأكدا على أن الإجراءات العسكرية الإسرائيلية تغذي صراعًا كارثيًّا في لبنان لا يوجد له مخرج دبلوماسي قابل للتطبيق.
ولفتا إلى أن الولايات المتحدة وفرنسا تدفعان الآن بمبادرة جديدة لتأمين وقف الحرب في لبنان، لكن إسرائيل رفضت بالفعل هذا النهج وتستمر ضرباتها العسكرية دون هوادة.
ويعتقد الكاتبان بأنه ما لم يتمكن الغرب أيضًا من التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب في غزة، فإن احتمالات السلام المستدام على طول الحدود الشمالية لإسرائيل تعد ضئيلة.
وبينا أن الصراع الإقليمي سوف يستمر، ومن المرجّح أن يشن حزب الله في نهاية المطاف ردًّا عسكريًّا أكثر استدامة ضد إسرائيل، وقد يؤدّي هذا إلى غرق البلدين والمنطقة على نطاق أوسع في صراع مميت طويل الأمد.
وذكر الكاتبان أن الحكومات الأمريكية والأوروبية قد غابت عن العمل لفترة طويلة، حيث رضخت للتصعيد الإسرائيلي ولم تفعل سوى القليل للضغط على إسرائيل لقبول اتفاق وقف الحرب في غزة.
وهي تواجه الآن احتمال اندلاع صراع شامل وشيك في الشرق الأوسط ما لم تكن على استعداد في النهاية لممارسة ضغوط حقيقية على إسرائيل للموافقة على وقف الحرب في كل من لبنان وغزة.
ويرى الكاتبان أنه رغم أن خطر اندلاع حرب أوسع نطاقًا لم يكن أعلى من أي وقت مضى، فإن الفرص الدبلوماسية لدفع إسرائيل نحو خفض التصعيد على كل الأصعدة لا تزال قائمة.
وقالا في ختام المقال: "إن الشرق الأوسط على شفا صراع إقليمي شامل وسوف تفشل الجهود الغربية الرامية إلى تأمين وقف الحرب بين إسرائيل وحزب الله ما لم يتم الضغط على إسرائيل لقبول وقف القتال في غزة.
من جانبه، قال الكاتب "كولم ريجن" إن العالم يشهد مرة أخرى الفشل الذريع للسياسة والدبلوماسية الديمقراطية الدولية في الشرق الأوسط، واصفًا الوضع بـ "كتالوج الفشل البشري المتعمّد".
وأضاف في مقاله الذي نشرته صحيفة "تايمز أوف مالطا" أن ما يحدث في غزة والضفة الغربية ولبنان يشكل كارثة، مبينًا أن ما يحدث يشكل سلسلة أخرى من الفشل المتعمد الذي يخلف عواقب إنسانية مروّعة.
وأكد على أن عمليات القتل والإصابة المتعمدين لعشرات الآلاف من الأطفال والنساء والرجال (الذين يقدر عددهم بنحو 45 ألف قتيل وأكثر من مائة ألف جريح) يحدث في وضح النهار وعلى مرأى ومسمع الجميع في مختلف أنحاء العالم.
ونوه إلى أن الوضع قد وصل لدرجة اعتبار المدنيين الأبرياء من جميع الأعمار والمستشفيات والمدارس والمنازل والملاجئ والأسواق والمراكز الطبية وقوافل المساعدات والصحافيين أهدافًا مشروعة.
ويرى الكاتب أن القرار الأخير الذي اتخذه بنيامين نتنياهو وحكومته "الحربية" ببدء "مرحلة جديدة" في الصراع من خلال استهداف ما يزعمون أنهم أعضاء حزب الله في لبنان قد دفع الزر على المنحدر الزلق القاتل إلى صراع على مستوى المنطقة.
وذكر أنه على نحو مماثل، فشل رؤساء الولايات المتحدة وبريطانيا والعديد من الدول الأوروبية في ممارسة أي ضغط حقيقي على إسرائيل لوقف استخفافها الصارخ والساخر بالقانون الدولي.
وقال إن الغرب يستمر في رفض حظر أو حتى تقييد بيع الأسلحة الهجومية، أو فرض العقوبات أو تأييد الاتهامات التي وجّهتها المحكمة الجنائية الدولية إليها، على الرغم من الأدلة الواضحة على ارتكاب جرائم حرب.
كما نشرت صحيفة "ميل آند جارديان" الجنوب أفريقية مقالًا بعنوان: "حرب متوقعة: يجب على الكبار أن يقفوا لمنعها" بقلم الكاتبة "نونتو بيكو هليلا" وهي زميلة بحثية في معهد الفكر والمحادثة الأفريقية في جوهانسبرغ وزميلة غير مقيمة في الجنوب العالمي في معهد كوينسي في واشنطن.
وأشارت الكاتبة في بداية مقالها إلى أن منذ بداية حرب إسرائيل على غزة، قُتل ما لا يقل عن 116 صحفيًّا، مما يجعل هذه الحرب الأكثر دموية للصحفيين في التاريخ، كما قُتل ما يقرب من 20 ألف طفل.
وبينت أن عدد القتلى من العاملين في الأمم المتحدة والمساعدات الإنسانية يعد "الأعلى في أزمة واحدة".
ولفتت إلى أن إسرائيل قد قصفت السفارات، مما أسفر عن مقتل دبلوماسيين ومسؤولين رفيعي المستوى من سوريا وإيران ولبنان.
وترى الكاتبة أنه قد تم تمكين جرائم الحرب الإسرائيلية وشرعنتها بشكل منهجي من قبل القوى الغربية، منوهة إلى أن التناقض بين كيفية استجابة الغرب عندما غزت روسيا أوكرانيا لا يمكن أن يكون أكثر وضوحا.
وقالت: "يبدو من الواضح أن إسرائيل تسعى إلى توسيع حربها ضد غزة إلى حريق إقليمي وإن إسرائيل تحاول فرض تحول جيوسياسي في الشرق الأوسط من شأنه أن يدفع الولايات المتحدة إلى الانخراط بشكل مباشر في الصراع أكثر من مجرد توفير الأسلحة والمال والغطاء الإيديولوجي والدبلوماسي".
وتعتقد بأن حشد السفن الحربية الأمريكية في البحر الأحمر والأفراد في الشرق الأوسط يزيد من احتمالات المواجهات العنيفة مع القوات التي تقاتل ضد إسرائيل.
وأكدت على أن الحرب الموسعة سوف تستمر في تقسيم ليس فقط الشرق الأوسط بل والعالم.
وترى أن الحرية والمساحة الممنوحة لإسرائيل من قبل الغرب لا تزال تعمل على تآكل ليس فقط "النظام الديمقراطي الليبرالي" ولكن أيضًا تآكل فكرة وجود نظام دولي قائم على القواعد.
من جانب آخر، نشرت صحيفة "إل باييس" الأسبانية مقالًا في افتتاحيتها وجاء بعنوان "الشرق الأوسط على شفا الهاوية" بينت فيه أن هجوم إيران على إسرائيل جاء نتيجة انجراف غير مسؤول يسعى إلى إطالة أمد الحرب، الأمر الذي يجب أن يتم وقفه.
ووضحت الصحيفة أن الحرب الإقليمية الواسعة النطاق التي يخشاها الجميع في الشرق الأوسط قد اقتربت خطوة واحدة بعد أن شنت إيران هجومًا مباشرًا جديدًا على الأراضي الإسرائيلية يوم الثلاثاء، ردًا على هجوم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضد حزب الله والتوغل العسكري في الأراضي اللبنانية مع التهديد بالغزو الذي خلف بالفعل أكثر من ألف قتيل.
ونوهت الصحيفة إلى أن الهجوم كان مشابهًا جدًّا في الحجم والتنفيذ للهجوم في أبريل الماضي، وهي المرة الأولى التي هاجمت فيها إيران الأراضي الإسرائيلية بشكل مباشر.
وترى الصحيفة أن بيئة هذا الهجوم الأخير مختلفة.
وقالت إن نتنياهو قد تجاهل جميع الدعوات إلى ضبط النفس أو حتى أدنى تنازل إنساني في حربه الوحشية على غزة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه على مدى أكثر من أسبوعين، وسّعت إسرائيل هجماتها على لبنان، وهي دولة ذات سيادة، وشنت غارات لتأمين الأراضي القريبة من الحدود، وهاجمت حزب الله بشكل عشوائي من خلال أنظمة اتصالاتها، مما أسفر عن مقتل مئات المدنيين فيما يرقى إلى جريمة حرب.
وتحدث المقال عن فشل الدبلوماسية الأمريكية، الوحيدة التي تمتلك القوة النظرية للتأثير على نتنياهو، في محاولاتها لوقف المذبحة في غزة أولًا، ثم كل خطوة من خطوات هذا الانجراف غير المسؤول للحكومة الإسرائيلية نحو الحرب الشاملة.
وترى الصحيفة إن ما يحدث هو بالضبط نوع المواجهة التي كانت إدارة جو بايدن تحاول تجنبها منذ العام الماضي، وقد حدث بعد أيام قليلة من لقاء نتنياهو مع بايدن وخطابه في الأمم المتحدة.
وقالت الصحيفة في ختام المقال: "طالما استمرت إسرائيل في توسيع هجومها العسكري، حتى خارج الأراضي الفلسطينية، فإن محاولات تجنب الحرب تبدو خطابية بشكل متزايد.
ومع إعلان الجيش الإسرائيلي عن توسيع غزوه البري للبنان، يبدو أن نتنياهو يريد حربًا شاملة، وهو اليوم أقرب خطوة لتحقيق ذلك".
/العُمانية/
أحمد صوبان