عواصم في 16 فبراير /العُمانية/ استهل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فترته الرئاسية الثانية بالتوقيع على عدد من الأوامر التنفيذية التي كان بعضها متوقعا كالانسحاب من منظمة الصحة العالمية واتفاقية باريس للمناخ والبعض الآخر بدا صادمًا مثل تغيير تسمية خليج المكسيك.
قرارات ومقترحات ترامب المثيرة للجدل لم تقف عند هذا الحد، فبعد فرضه رسومًا جمركية على كندا والصين، قدم الرئيس الأمريكي مقترحًا لتهجير سكان غزة وسيطرة بلاده على القطاع الساحلي المدمر وإعادة تطويره ليصبح "ريفييرا الشرق الأوسط" على حدّ وصفه، الأمر الذي خلف ردود فعل مستنكرة ورافضة كما أسال الكثير من الحبر في الصحافة العالمية.
وفي هذا السياق، تابعت وكالة الأنباء العُمانية بعضًا من الآراء التي خطتها أقلام الكتاب في عدد من الصحف العالمية وركزوا من خلال مقالاتهم على أبعاد اقتراح ترامب بشأن غزة، والرسوم الجمركية ضد كندا وحرب ترامب التجارية ضد الصين بالإضافة على مدى تأثير ترامب على الجهود المناخية العالمية.
فصحيفة "كوريا تايمز" نشرت مقالًا في افتتاحيتها بعنوان: "اقتراح ترامب السخيف بشأن غزة" أكدت من خلاله أن النكبة الجديدة التي تلوح في الأفق يجب أن تتوقف على الفور".
واستفتحت الصحيفة مقالها بالإشارة إلى أن تعليقات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة بشأن غزة قد أثارت موجة من الغضب الدولي.
ووضحت أن اقتراح ترامب بالاستيلاء على قطاع غزة وتطويره إلى وجهة فاخرة، ووصفه بأنه "ريفييرا الشرق الأوسط"، قد ترك العديد من الناس في حالة ذهول، وخاصة بسبب تجاهله المتأصل لحقوق وحياة الشعب الفلسطيني.
ولفتت إلى أن هذا الاقتراح، الذي يتصور نقل الفلسطينيين إلى مناطق أخرى، قد تم إدانته على نطاق واسع باعتباره انتهاكا مباشرا للقانون الدولي وإهانة للكرامة الإنسانية، ويذكرنا بالنكبة التي حدثت عام 1948 - عندما تم تهجير الفلسطينيين قسرًا عند إنشاء إسرائيل.
وترى الصحيفة أن خطة ترامب، التي تم الإعلان عنها بعد وقت قصير من اجتماعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 4 فبراير الماضي، تبدو وكأنها محاولة لاستغلال المنطقة لصالح الولايات المتحدة، دون النظر في العواقب الإنسانية الوخيمة على الفلسطينيين.
وأكدت على أنه من خلال السعي إلى نقل السكان الفلسطينيين وتحويل غزة إلى مركز تنمية فاخر، تعكس رؤية ترامب خلفيته مثل رجل أعمال عقاري، مهتم بالربح أكثر من السلام أو التعايش.
وقالت الصحيفة إن هذا الاقتراح، الذي يتجاهل الإجماع الدولي على حل الدولتين، يهدّد بإعادة إشعال فتيل التقلبات في المنطقة.
وبينت أن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن اقتراح ترامب يتجاهل القضية الأساسية - التكلفة البشرية للتشريد، فلقد تحمل الفلسطينيون بالفعل صعوبات هائلة منذ عام 1948.
والاقتراح بإعادة توطينهم مرة أخرى هو تجاهل لارتباطهم العميق بالأرض وتاريخهم وحقهم في العيش في سلام وكرامة، ولا ينبغي تقويض تطلعات الشعب الفلسطيني لتقرير المصير من خلال خطط متهورة لا تخدم إلا تعزيز المصالح الجيوسياسية للدول القوية.
ومن وجهة نظر الصحيفة فإن خطة ترامب تثير أيضًا تساؤلات حول مستقبل السياسة الخارجية الأمريكية، حيث يمثل الاقتراح انحرافا كبيرا عن الموقف الأمريكي التقليدي المتمثل في دعم حل الدولتين كوسيلة لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والرسوم الجمركية.
من جانبها، قالت وكالة "تربيون كونتينت" من خلال مقالا نشرته على موقعها أن ترامب لا ينبغي له أن يخاطر بحياته فيما يتصل بالرسوم الجمركية.
ووضحت أنه حتى الآن، كانت سياسة التعريفات الجمركية التي ينتهجها الرئيس دونالد ترامب ناجحة بالنسبة له. فقد أجبر كولومبيا على الرضوخ لإرادته بشأن إعادة المهاجرين إلى أوطانهم، وأعاد قادة كندا والمكسيك إلى طاولة المفاوضات للحديث عن أمن الحدود.
ولكن الوكالة حذرت من أن اللعبة التي يقوم بها ترامب قد تحول المستهلكين الأمريكيين إلى أكبر الخاسرين.
وأشار المقال إلى رسوم بنسبة 10٪ من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ هذا الأسبوع ضد الصين، التي تتاجر معها الولايات المتحدة بما يقرب من 800 مليار دولار.
ولفت المقال إلى أن المستهلكين الأمريكيين يعتمدون بشكل كبير على السلع الرخيصة من الصين، التي تباع من قبل تجار التجزئة بأسعار مخفضة مثل وول مارت والمواقع الإلكترونية مثل تيمو.
وترى الوكالة في مقالها أنه إذا أدت الرسوم الجمركية إلى رفع أسعار الملابس والإلكترونيات والأجهزة والأدوات وغيرها من المنتجات اليومية، فسوف تكون ضربة قوية لميزانيات الأسر.
وذكرت الوكالة أن ترامب قد حذر الأمريكيين من أنهم سيشعرون ببعض الألم من دبلوماسيته المتعلقة بالرسوم الجمركية، ولكن الألم الذي سيلحق بجيوبهم-على حدّ وصفها- لم يكن ما توقعوه من رئيس وعد في حملته الانتخابية بحمايتهم من التضخم المدمر الذي ميز حقبة الرئيس السابق بايدن.
وأكدت على أن كسر هذا الوعد في وقت مبكر من رئاسته لا يحمل مخاطر اقتصادية للشعب الأمريكي فحسب، بل يحمل أيضًا مخاطر سياسية لترامب والجمهوريين.
وفي سياق متصل، يرى الكاتب "وانج وين" في مقاله الذي نشرته صحيفة "نيو ستريتز تايمز" الماليزية أن حرب ترامب التجارية مع الصين لن تنجح.
وأشار الكاتب، وهو عميد وأستاذ معهد تشونجيانج للدراسات المالية في جامعة رينمين الصينية والمدير التنفيذي لمركز أبحاث التبادل بين الشعبين الصيني والأمريكي، إلى أنه بعد ثلاثة أيام من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض تعريفات جمركية بنسبة 25% على السلع الكندية و10% على السلع الصينية، وافقت كندا على مطالب ترامب في مقابل تعليق التعريفات لمدة شهر.
ووضح أن الصين استجابت بأربعة تدابير مضادة، حيث فرضت تعريفات جمركية بنسبة 15% على الفحم والغاز الطبيعي المسال الأمريكي وتعريفات بنسبة 10% على النفط الخام والآلات الزراعية والمركبات ذات الإزاحة الكبيرة والشاحنات الصغيرة.
كما نفذت ضوابط التصدير على العناصر الأرضية النادرة مثل التنغستن والتيلوريوم، وقامت بإدراج مجموعة بي في إتش وإنولوكس على قائمة الكيانات غير الموثوقة.
وأكد الكاتب على أنه على النقيض من كندا، لم تتراجع الصين، وبدلا من ذلك، قدمت تدابير مضادة أكثر صرامة ودقة وتنوعا.
ومن وجهة نظره فإن السبب الأساس هو أنه بعد ما يقرب من ثماني سنوات من الصراع التجاري، أصبحت الصين أكثر ثقة واستراتيجية ومرونة.
وأشار إلى أنه بالنظر إلى التأثير الطويل الأجل، فإن الأهداف التي حددها ترامب لتحقيقها في عام 2018 لم تتحقق إلى حدّ كبير.
وبالمقارنة بعام 2018، نما إجمالي حجم التجارة الصينية بنسبة 44 بالمائة في عام 2024، وزادت التجارة بين الصين والولايات المتحدة بنسبة 8 بالمائة، وتوسع الفائض التجاري للصين مع الولايات المتحدة بنسبة 13 بالمائة.
ويعتقد الكاتب بأن إدارة ترامب الثانية تبدو أقل احتمالًا للنجاح، ويرى أن تهديدات ترامب بالرسوم الجمركية قد تخيف كندا أو المكسيك أو أوروبا، إلا أنها لا تملك نفوذًا كبيرًا على الصين، التي لديها الآن ما يقرب من عقد من الخبرة في مواجهة مثل هذه السياسات.
وفي السياق ذاته، وصفت الكاتبة "كارلا نورلوف" الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بـ "رجل التعريفات الجمركية" الذي يخوض رهانًا محفوفًا بالمخاطر.
وبينت الكاتبة من خلال مقالها الذي نشرته مؤسسة "بروجيكت سينديكت" أن ترامب يقامر بنفوذ أمريكا وازدهارها على المدى الطويل.
وأشارت في بداية مقالها إلى أنه في تصعيد دراماتيكي للتوترات التجارية، فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعريفة جمركية شاملة بنسبة 10% على السلع من الصين، وهدد بفرض تعريفة بنسبة 25% على الواردات من كندا والمكسيك، وتعهد باتخاذ تدابير مماثلة ضد الاتحاد الأوروبي.
ويتلخص هدفه المعلن في تأمين صفقات لوقف تدفق المخدرات والهجرة غير المصرح بها إلى الولايات المتحدة، مما يشير إلى أن التعريفات الجمركية ستكون الآن أداة لأمن الحدود.
وترى الكاتبة أن الحواجز التجارية على هذا النطاق قد تزعزع استقرار الأسواق العالمية، وتدفع الأسعار للمستهلكين الأمريكيين إلى الارتفاع، وربما تجر الولايات المتحدة ــ والعالم ــ إلى الركود.
من جانب آخر، يرى الكاتب "جون داير" في مقاله الذي نشرته صحيفة "كوريا تايمز" أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يستطيع أن يضر بالمناخ كثيرًا وأن معظم أفعاله ستؤثر بشكل مباشر على الأمريكيين فقط.
وأشار في بداية مقاله أن ترامب معادٍ لأي محاولة لوقف أو إبطاء الانحباس الحراري العالمي، ويعتبره عملية احتيال و"مؤامرة صينية"، الأمر الذي جعله يسحب الولايات المتحدة من معاهدة باريس للمناخ (مرة أخرى) وينهي دعم الحكومة الفيدرالية لمبيعات السيارات الكهربائية.
وبين الكاتب أنه من غير الواضح ما يعنيه تراكب عندما أعلن عن "حالة طوارئ وطنية للطاقة"، ولكن العلاج من الناحية النظرية سوف يتضمن المزيد من الحفر للنفط والغاز في الولايات المتحدة والنمو بدلًا من الانحدار في استخدامها للوقود الأحفوري. وهذا- في نظر الكاتب- يسبب انزعاجًا في أماكن أخرى، لأن الولايات المتحدة لا تزال تمثل 27% من الاقتصاد العالمي.
ووضح أن معظم الناس في بلدان أخرى (وأغلبية واضحة من الأمريكيين) يرون أن الجهود الرامية إلى احتواء الانحباس الحراري العالمي تشكل أولوية قصوى تتطلب استجابة دولية منسقة، ويبدو انشقاق الولايات المتحدة للمرة الثانية عن هذه المهمة بمثابة خيانة.
وأكد على أن الحكومة الأمريكية لا تقرر أي أنواع الطاقة ينبغي تطويرها (الوقود الأحفوري أو غير الأحفوري) أو أي قدر ينبغي نشره. وكثيراً ما تقوم الإعانات الحكومية بدور في هذه الاختيارات، ولكن القرارات النهائية عادة ما تستند إلى اعتبارات مالية ــ وهي لا تفضل الوقود الأحفوري.
ويعتقد الكاتب بأنه بصرف النظر عن خطاب ترامب، فإن شركات النفط الأمريكية ليس لديها أي دافع لحفر المزيد من النفط. بل على العكس من ذلك، فهي تقيد الإنتاج وتغلق الآبار الأعلى تكلفة من أجل الحفاظ على أسعار النفط وأرباحها.
/العُمانية/
أحمد صوبان