الأخبار

قضايا وآراء في الصحافة العالمية
قضايا وآراء في الصحافة العالمية
13 أكتوبر 2025

عواصم في 13 أكتوبر /العُمانية/ تابعت وكالة الأنباء العُمانية بعضًا من الآراء حول قضايا متنوّعة تناولتها الصحف العالمية عبر مقالات نُشرت في صفحاتها وتطرّقت إلى أزمة تلوث الهواء، والأبعاد الحقيقية للحرب على غزة إضافةً إلى وضع الأمم المتحدة في سياق الدبلوماسية العالمية.

فقد نشرت صحيفة "ميل آند جارديان" الجنوب أفريقية مقالًا بعنوان "تلوث الهواء: أزمة صحية عالمية تتطلب تحولاً جذرياً في الأولويات" بقلم كل من "ريكو يوربيدو" وهو ناشط في منظمة "جراوند وورك" التابعة لمنظمة "أصدقاء الأرض" في جنوب أفريقيا، و "مافوكو فومان" وهي هي ناشطة في مجال الصحة البيئية، و "نيو تسوتيتسي" وهو منسق المشاركة المناخية في منظمة أطباء بلا حدود في جنوب أفريقيا، و الدكتور جيمس إيرلام وهو محاضر في الصحة البيئية.

واستفتح الكتاب مقالهم بالإشارة إلى أن تلوث الهواء يعد "القاتل الصامت" في أفريقيا، إذ يعد السبب الرئيس لوفيات سنوية تفوق تلك الناجمة عن فيروس نقص المناعة البشرية "الإيدز" والسل والملاريا مجتمعة.

ولم يقتصر رأي الكتاب على وصف المشكلة، بل انطلقوا إلى نقد التناقض الصارخ في التعامل العالمي معها، داعين حكومات مجموعة العشرين، لا سيما مع رئاسة جنوب أفريقيا الحالية، إلى تحويل الوعود إلى أفعال ملموسة.

وتكمن الفكرة الرئيسة للمقال في الكشف عن الاختلال الجوهري في أولويات التمويل العالمي. فبينما يتم ضخ تريليونات الدولارات لمعالجة الآثار الصحية الناجمة عن تلوث الهواء، تُوجه الاستثمارات بشكل متناقض نحو استمرار المشكلة ذاتها.

وبين الكتاب أنه في الفترة بين ٢٠١٥ و٢٠٢١، خصصت جهات التمويل الدولية ٤٦.٦ مليار دولار لدعم إطالة أمد صناعة الوقود الأحفوري المسبب الرئيس للتلوث، بينما خصصت ١.٥ مليار دولار فقط لمكافحة تلوث الهواء نفسه.

وأكدوا على أن هذا التفاوت الهائل بنسبة ٣٠٠٠٪ يكشف عن فجوة خطيرة بين إدراك التكلفة ومواجهة الأسباب الجذرية.

ويرى الكُتّاب أن كلّ الوفيات الناجمة عن تلوث الهواء يمكن الوقاية منها، مما يجعل الأزمة ليست حتمية بل نتيجة لإخفاق سياسي ومالي.

لذلك، فإن الرأي الأساسي هو دعوة قوية لمواءمة التدفقات المالية العالمية مع أهداف الصحة والمناخ. ويُبرز المقال أن لحظة رئاسة جنوب أفريقيا لمجموعة العشرين تمثل فرصة تاريخية لدفع أكبر الاقتصادات نحو تحمل مسؤولياتها.

كما قدم المقال رؤية واضحة لدور قطاع الرعاية الصحية، لا كمستجيب سلبي فحسب، بل كلاعب رئيس في حل الأزمة. فالقطاع الصحي، الذي يسهم بدوره بنسبة ٥٪ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، يتحمل مسؤولية أخلاقية ومهنية مضاعفة.

ويعتقد الكتاب بأن هذا القطاع يتحمل مسؤولية أخلاقية في صياغة استجابتنا لأزمة المناخ.

ودعوا هذا القطاع إلى تقديم نموذج القدوة القدوة من خلال خفض انبعاثاته الكربونية وتحويل سلاسل التوريد الخاصة به نحو الطاقة النظيفة والاقتصاد الدائري، مستخدماً قوته الشرائية الهائلة (نحو ١٠٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي) كرافعة للتغيير.

وقال الكتاب: "لحماية الصحة العامة، لا ينبغي لأنظمة الرعاية الصحية أن تكتفي بخفض انبعاثاتها فحسب، بل يجب عليها أيضًا أن تقود عملية رصد صحي متكامل يربط بيانات جودة الهواء بالنتائج الصحية، وأن تُطوّر أنظمة إنذار مبكر للفئات المعرضة للخطر."

وخلاصة القول في نظرهم هو أن معالجة تلوث الهواء ليست تكلفة، بل استثمار ذو عوائد متعددة. فهو يدعم مجتمعات أكثر صحة ويخفض التكاليف الباهظة للرعاية الصحية ويحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ويعزز مرونة المجتمع.

وأكدوا على أن حماية الصحة العامة تتطلب تحولاً جذرياً من نهج رد الفعل إلى نهج استباقي، حيث تكون الوقاية من خلال مكافحة المصدر هي الأساس، وهو استثمار لا غنى عنه لرفاهية الإنسان والبيئة معاً.

من جانبها، كشفت الكاتبة "زينب بينجو" في مقالها الذي نشرته صحيفة "ديلي صباح" التركية، عن الأبعاد الحقيقية المدمرة لحرب غزة التي تتجاوز مجرد الخسائر البشرية المباشرة، مستندةً إلى منهجية "مشروع تكاليف الحرب" بجامعة براون الذي يحلل التكاليف متعددة الأبعاد للنزاعات المسلحة.

ووضحت أنه فيما يتعلق بالتكاليف البشرية، فإن الحرب على غزة كانت إبادة جماعية بمقاييس مروعة.

وأشارت إلى أن الحرب نتج عنها استشهاد 65,419 شخصًا وجرح 167,160 وفق الأمم المتحدة، مع تقديرات حقيقية تصل لـ75,200 شهيد عند احتساب الوفيات غير المباشرة بسبب المرض والمجاعة.

كما أدت الحرب إلى نزوح 90% من سكان غزة (حوالي مليوني نسمة)، مع مليون شخص بلا مأوى محرومين من الاحتياجات الإنسانية الأساسية.

ونوهت الكاتبة إلى أن التكاليف البيئية للحرب تشمل دمارًا يتجاوز دولاً بأكملها، إذ أدت إلى انبعاث 420,000-652,000 طن من ثاني أكسيد الكربون في أول 120 يومًا فقط - أكثر من الانبعاثات السنوية لـ26 دولة، وتدمير 156,000-200,000 مبنى، مع توقع انبعاث 46.8-60 مليون طن كربون إضافي أثناء إعادة الإعمار - أكثر من انبعاثات 135 دولة سنويًا.

وحول التكاليف الاقتصادية والهيكلية، بينت الكاتبة أن غزة بحاجة إلى 53 مليار دولار كحد أدنى لإعادة الإعمار وفق الأمم المتحدة، إذ أن الحرب نتج عنها تدمير 50 مليون طن من البنية الأساسية وشلت حركة التجارة الإقليمية وأثرت على أمن الطاقة في شرق المتوسط.

وتحدثت عن التكاليف السياسية للحرب قائلةً: "إن هجمات إسرائيل على لبنان وسوريا وإيران واليمن أضعفت المعايير الدولية. كما أن الهجوم على الوفد التفاوضي لحماس في قطر هز ثقة العالم في الدبلوماسية".

وأكدت على أن رفض إسرائيل لحل الدولتين يحول القضية الفلسطينية من "مجمدة" إلى أزمة توسعية تُشعل صراعات إقليمية.

وترى الكاتبة أن وقف إطلاق النار الحالي لا يعالج الجذور وسيبقى هشًّا دون حل سياسي حقيقي. فغزة أصبحت مرآة لعصر عدم اليقين العالمي، حيث انهار النظام القديم ولم يُبْنَ الجديد بعد، مما أوجد فراغًا تتصاعد فيه العنف وعدم الاستقرار.

ومن وجهة نظرها فإن حرب غزة تمثل اختبارًا للإنسانية وكارثة متعددة الأبعاد ستستمر آثارها لسنوات، وتكشف عن أزمة النظام الدولي بأكمله.

من جانب آخر، نشرت صحيفة "بانكوك بوست" التايلندية مقالًا بعنوان "انحرفت مناقشات الأمم المتحدة، وانزلقت، ولكنها حققت نتائج" بقلم الكاتب "جون ميتزلر" وهو مراسل لدى الأمم المتحدة، ويُغطي الشؤون الدبلوماسية والدفاعية.

ورصد الكاتب في مقاله الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، التي افتتحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بانتقاد لاذع للمنظمة بسبب فشلها في معالجة الأزمات العالمية والهدر البيروقراطي، لكنه مع ذلك أعرب عن دعمه لإمكاناتها في تحقيق السلام.

ويرى الكاتب أنه رغم الأجواء الكئيبة، إلا أن الدورة شهدت تطورات دبلوماسية مهمة، خاصة في الشرق الأوسط.

وفي الملف الأوكراني، انتقد الرئيس زيلينسكي الأمم المتحدة بشدة في خطاب مؤثر، مشيرًا إلى أن التصريحات والبيانات لم تنجح لعقود، وأن "السلاح هو الذي يُحدد من ينجو".

ونوه الكاتب إلى أن وقف إطلاق النار لم يتحقق، ولكن الأمين العام جوتيريش أشاد بالجهود الدبلوماسية.

وأشار إلى أن القمة شهدت اعتراف عدة دول أوروبية (مثل فرنسا وبريطانيا وكندا والبرتغال) بدولة فلسطين.

كما تطرق الكاتب لكلمة رئيس الوزراء الاسرائيلي الذي هاجم حل الدولتين واتهم الفلسطينيين برفض التعايش، مما أثار انسحاب عددًا من الدبلوماسيين من القاعة.

ولفت الكاتب إلى أن القمة شهدت الإعلان عن خطة ترامب للشرق الأوسط.

ونوه إلى أن ترامب، رغم انتقاداته، أكد على دعمه القوي للأمم المتحدة قائلاً: "إمكانات الأمم المتحدة مذهلة... أؤيدها بشدة لأن إمكانية تحقيق السلام مع هذه المؤسسة هائلة".

ومن وجهة نظر الكاتب فإن الأحداث أثبتت صحة هذا الموقف، حيث أظهرت الدورة أنه رغم البطء والانحرافات، يمكن للأمم المتحدة تحقيق نتائج ملموسة عندما تتوفر الإرادة السياسية.

ويرى أن الأمم المتحدة، رغم كل عيوبها، تبقى منصة لا غنى عنها للدبلوماسية العالمية، وقادرة على إنتاج حلول عملية عندما تلتقي المصالح.

/العُمانية/

أحمد صوبان

أخبار ذات صلة ..